الفيزياء المسلية (غليان الماء )

غليان الماء


هل يمكن أن تغلي الماء في الماء المغلي؟

ليأخذ القارئ زجاجة صغيرة أو قنينة ويصب فيها الماء ثم يضعها في قدر موضوع على النار ومملوء بالماء النقي بحيث لا تلامس الزجاجة أو القنينة قعر القدر ويجب على القارئ في هذه الحالة أن يعلق الزجاجة بأنشوطة سلكية وعندما يغلي الماء الموجود في القدر سيتوقع القارئ بأن الماء الموجود داخل الزجاجة سيغلي بعده بقليل ولكن مهما طال انتظارك لن يحدث هذا لأن الماء الذي يوجد داخل القنينة سيصبح حار جدًا ولكنه لن يغلي وبهذا يبدو أن الماء المغلي ليس على درجة كافية من الحرارة ليجعل الماؤ الآخر يغلي. إن هذه النتيجة تبدو وكأنها غير متوقعة بينما كان من الواجب أن نتوقعها ولكي نجعل الماء يغلي لن نتكتفي بـ 100 درجة مئوية فقط بل يجب تزويده بكمية كبيرة من الحرارة لتحويل الماء من حالة أخرة من حالاته وهي حالة البخار بالذات، إن الماء يغلي عند درجة 100 مئوية ولا ترتفع عن ذلك ممهما زدنا في تسخينه وهذا يعني أن درجة حراة مصدر الحراة الذي سخنا بواسطة الماء الموجود في القنينة تبلغ 100 درجة مئوية ويمكنه تخين الماء الموجود قي القنينة إلى 100 درجة مئوية فقط وعندما تتساوى درجتي الحراة يتوقف انتقال الحرارة الموجود في القد إلى القنينة وهكذا نرى بأنه بتسخين الماء الموجود في القنينة بهذه الطريقة فاننا لا يمكن أن نزوده بكمية الحرارة الازمة لتحويل الماء إلى بخار ( لتحويل كل جرام واحد من الماء المسخن إلى 100 درجة مئوية إلى بخار نحتاج إلى كمية أخرى من الحرارة تزيد عن 500 سعر حرري )، وقد يتبادر إلى ذهن القارئ السؤال الآتي: ما الفرق بين الماء الموجود في القنينة والماء الموجود في القدر؟ إن الماء الموجود في القنينة هو الماء نفسه الموجود في القدر ولكنه منفصل عن الآخر بواسطة جدران القنينة أما أنه لا يحدث له نفس الذي يحث للماء الباقي فبسبب ذلك هو أن جدران القنينة تمنع الماء الموجود في داخلها من الإشتراك في تلك التيارات التي تحرك الماء الموجود في القدر بأجمعه إن كل دقيقة من دقائق الماء الموجود في القدر يمكن أن تلامس القعر الحامي مباشرة أما دقائق الماء الموجودة داخل القنينة فيمكن أن تلامس الماء المغلي فقط، وهكذا ترى أنه لا يمكن غلي الماء بواسطة الماء المغلي النقي وحده ولكن إذا أضفنا إلى ماء القد القليل من الملح حتى نرى بأن الأمر قد تغير تمامًا إن الماء المالح لا يغلي عند درجة 100 مئوية بل أكثر من ذلك وهكذا يمكنه بدوره أن يجعل الماء النقي أن يغلي في داخل القنينة الزجاجية.


هل يمكن أن نغلي الماء بواسطة الثلج؟

إن بعض القراء سيجيبون على ذلك بما يلي : "إذا لم يكن بإستطاعتنا أن نغلي الماء في داخل الماء المغلي فكيف اذن سنغليه في الثلج! " انني أنصح القراء بعدم التسرع في الإجابة والقيام بالتجربة التالية ولو بإستخدام نفس القنينة الزجاجية التي إستخدمناها في التجربة السابقة، إملأ القنينة إلى منتصفها بالماء واغمرها في الماء المالح المغلي وعندما يغلي الماء داخل القنينة ارفع القنينة من القدر وسد فوهتها بسرعة بسدادة من الفلين معدة سابقًا لهذا الغرض والآن إقلب القنينة وانتظر إلى أن يتوقف غليان الماء الموجود في داخلها وبعد حلول هذه اللحظة صب الماء المغلي على الزجاجة وستجد أن الماء مع ذلك لن يغلي ولكن إذا وضعت على قاعدة الزجاجة قليلاً من الثلج أو إذا صببت على الزجاجة ماء بارد فقط فسترى أن الماء بدأ بالغليان وهكذا فعل الثلج مالم يفعله الماء المغلي!ووما يزيد من حيرة الإنسان أنه لن يشعر بحرارة عالية عندما يلمس الزجاجة بينما يشاهد الماء بأم عينه وهو يغلي إن السر يكمن في تبريد الثلج لجدران القنينة الزجاجية ونتيجة إلى ذلك يتكثف البخار ويتحول إلى قطرات من الماء، ولما كان الهواء قد طرد من القنينة الزجاجية قبل ذلك في مرحلة الغليان فإن الماء الموجود في داخلها الآ يتعرض لضغط يقل عن السابق بكثير ومن المعروف أنه عند تقليل الضغط عن السائل فإنه يغلي عند درجة حرارة أقل من درجة حرارة غليانه بكثير وهكذا يكون لدينا في القنينة الزجاجية ماء مغلي ولكنه ليس حار، أما إذا كانت جدران القنينة الزجاجية رقيقة جدًا فقد يؤدي تكثف البخار في داخلها إلى ما يشبه الإنفجار ذلك لأن ضغط الهواء الخارجي عندما لا يلاقي مقاومة كافية من داخل القنينة يمكنه أن يحطمها في الحال ( وبهذه المناسبة فإن كلمة إنفجار ليست مناسبة في هذه الحالة) ولهذا من الأفضل إستخدام قنينة كروية الشكل مثلاً دورق محدب القعر لكي يضغط الهواء الخارجي على الجزء المحدب. والأكثر أمانًا إجراء هذه التجربة بإستخدام علبة من الصفيح وبعد أن نغلي في داخلها القليل من الماء نسد فتحتها بإحكام ونصب عليها ماء بارد وسوف نرى بأن العلبة المحتوية على بخار ماء ستتجعد في الحال لتأثير الضغط الخارجي للهواء وذلك لأن البخار في داخلها قد تكثف وتحول إلى ماء بعد أن تعرض للتبريد وستبدو بعد ذلك أن العلبة مجعدة كما لو أننا قد طرقناها بمطرقة ثقيلة.