الأخطل الصغير
1885 ـ 1968
المهندس جورج فارس رباحية
هو بشارة بن عبد الله الخوري (1) وُلِدَ في بيروت عام 1885 واأصل أهله من قرية إهمج في قضاء جبيل درس في مدرسة مطرانية الروم الأرثوذكس وبمدرسة الحكمة المـــــــارونية والفرير وكان من تلاميذ عبد الله ميخائيل البستاني (2) . لُقّبَ بشاعر الحب والهوى كمــا لُقّبَ بالأخطل الصغير لاقتدائه بالشاعر الأموي الأخطل التغلبي (3) .
أنشأ عام 1908 جريدة البرق ، توقّفت عن الصدور أثناء الحرب العالمــية الأولى ( 1914 ـ 1918 ) ثم تابعت الصدور حتى بداية عام 1933 عندما أغلقتها السلطات الفرنسية وحملَ في جريدته لواء القضية العربية ونشر مقالات عديدة في الدعوة لها ضد التعسّف العثـــماتي كانت حياته عبارة عن سلسلة من المعارك الأدبية والسياسية حيث نذر خلالها قلمه وشعره للدفاع عن أّمّته وإيقاظ هممها ضد الاستعمار والصهيونية ، وكانت اللغــــــة العربية دينه ومدار اعتزازه وفخره . عُيِّنَ مُستشاراً للغة العربية في وزارة التربية الوطنية قي بيروت ، اســـتمرّ يعمل في الصحافة طوال حياته وانتخب عضوا في المجمع العلمي العربي بدمشق . استلم نقابة الصحافة بلبنان عام 1928 ورئيس بلدية برج حمود عام 1930 وأنشأ حزباً سياسياً عُرِفَ باسـم حزب الشبيبة اللبنانية . كُرِّمَ بقاعة اليونسكو ببيروت عام 1961 وأُطلِقَ عليه لقب أمير الشـــعراء . وكُرَمَ أيضاً في القاهرة .
نهل الأخطل الصغير من الثقافة الفرنسية ، وترجم الكثير من القصائد الرومانسية الفرنسية إلى العربية ولكنه كان أمْيَل إلى الثقافة العربية ، وتأثّر بكتاب الأغاني للأصفهاني واستقى منه عدداً من الأقاصيص الشِعْرية .
اتّسم شعر الأخطل الصغير بالأصالة ، وقوة السبك والديباجة ، وجزالة الأسلوب ، وأنــــــاقة العبارة ، وطرافة الصورة ، بالإضافة إلى تنوّع الأغراض وتعدّدها . كما تأثّر بحركات التجديد في الشعر العربي المعاصر وامتاز شعره بالغنائية الرقيقة والكلمة المختارة بعناية فائقة .
غنّى شعره : محمد عبد الوهاب ، فريد الأطرش ، فيروز ، وديع الصافي .
صدر له : ديوان الهوى والشباب عام 1953 وديوان شعر الأخطل الصغير عام 1961
توفي الأخطل الصغير في بيروت يوم الأربعاء في 31 / تمـــــوز / 1968 .
مقتطفــــــــات من أعمـــــاله :
1 ـ المعروف عن الأخطل الصغير مقته للطائفية والإقليمية فنبدأ بمطلع قصيدة كتبها لهذا الغرض فقال :
أيها الساــئل عن أدياننا ***** العيسى أنت أم للمصطفى
وطني ديني فمن يسالني ***** قــــلت إني عـــربي وكفى
2ــ وقال يصف عاقد الحاجبين وأنشدت هذه القصيدة المطربة فيروز :
يا عـــاقد الحـاجبين ***** على الجبين اللجينِ
إن كنتَ تقصد قتلي ***** قتلــــتني مـــرّتينِ
ماذا يريبـــك منّــي ***** وما هممــت بشينِ
أصُــفرةٌ في جبيني ***** أم رعشة في اليدين
تَمُـــرُّ قفـــزَ غزالٍ ***** بينَ الرّصيفِ وبيني
وما نصبتُ شباكي ***** ولا أذنــــتُ لعينــي
تبدو كأن لا تراني ***** ومــلءُ عينكَ عيني
ومثــلُ فعلك فعلي ***** ويلي من الأحمــقينِ
مولاي لم تُبقِ منّي ***** حيّاً ســـــوى رَمَقينِ
صبرُ حتّى براني ***** وجـدي وقرب حيني
ستحرم الشعر منّي ***** وليس هـــــذا بهيـنِ
أخاف تدعو القوافي ***** عليكَ في المشرقينِ
3 ـ وفي قصيدته الوطنية : يا جهاداً صفّق المجدُ لهُ ، قال فيها :
يا جهادا صــــفّق المجــــدُ لهُ ***** ليس الغـــــارُ عليهِ الأرجوانا
شرفٌ باهت فلســــــــطينٌ به ***** وبنـــــاءٌ للمعــــــالي لا يُدانى
إن جرحاً ســـــال من جبهتها ***** لثمتـــــهُ بخشـــــوعٍ شـــــفتانا
وأنيناً باحـــــت النجــــوى به ***** عــــــربياً رشفتهــــُ مُقـــــلتانا
نحن يا أختُ على العهد الذي ***** قد رضعناه من المـــــهد كلانا
يثربٌ والقدسُ منذُ احتلمــــــا ***** كعبتانا وهوى العـــــرب هوانا
قم إلى الأبطال نلمسْ جرحهمْ ***** لمســـــة تسبحُ بالطيــــب يدانا
قم نجعْ يوما من العمــــر لهم ***** هبهُ صوم الفصح هبهُ رمضانا
إنّما الحــــقُّ الذي مــــاتوا له ***** حقّنـــا ، نمشــــي إليه أين كانا
4 ـ وهذه قصيدته الرائعة : أرقّ الحُسْن ، التي أنشدتها فيروز قال فيها :
يبكي ويضـــــحكُ لا حُزْناً ولا فرحا ***** كعاشقٍ خطَّ سطراً في الهوى ومحا
من بســـــمة النجم همس في قصائده ***** ومن مُخالســـــة الظَّبي الذي سنحا
قلبٌ تمــــــرَّس باللّـــــذاتِ وهو فتىً ***** كبرعمٍ لمســـــتْهُ الريح فانفتــــــحا
ما للأقاحيّة الســـــمراء قد صــرفت ***** عنَّا هواها أرقّ الحُسْـــنِ ما سمحا
لو كنت تدرين ما ألقــــــاه من شجنٍ ***** لكنت أرفق مَن آســـى ومَن صَفحا
غــــداةَ لوَّحْتِ بالآمــــــالِ باســـــمةً ***** لان الذي ثـــار وانقــادَ الذي جمَحا
ما همّني ولســــــانُ الحب يهتف بي ***** إذا تبسَّــــــمَ وجه الدهـــــرِ أو كلحا
فالروضُ مهما زهتْ قفرٌ إذا حرمت ***** من جانحٍ رفَّ أو من صادحٍ صدحا
5 ـ وفي الغزل قال :
بلّــــغوها إذا أتيتـــــم حمـــاها ***** إنّني مُتُّ في الغـــــرام فداها
واذكـــــــروني لها بكل جميلٍ ***** فعســـاها تبكي عليَّ عســـــاها
وأصبحوها لتُرْبتي ، فعظامي ***** تشـــــــتهي أن تدوسها قدماها
لم يشقني يوم القيــــامة ، لولا ***** أمــــلي أنني هنــــاك أراهــــا
رحمة ربِّ ، لستُ أسألُ عدلاً ***** ربّ خذني إن أخطأت بخطاها
دع سُليمى تكون حيث تراني ***** أو فدعْــني أكــــون حيث أراها
6 ـ ومن قصائده الرائعة : الصبا والجمال :
الصبا والجمال ملـــــك يديك ***** أيّ تـــاجٍ أعزّ من تاجيـــــكِ
نصب الحُسْن عرشــه فسألنا ***** مَنْ تـــــراها له فدَلَّ عليــــكِ
فاسكبي روحك الحنون عليه ***** كانسكاب السماء في عينيـــكِ
كلما نافس الصـــــبا بجمــال ***** عبقــــري الســــنا نماه إليــك
ما تغنى اله،،،،زار إلاّ ليلقي ***** زفــرات الغـــــرام في أذنيكِ
سكر الروض سكرة صرعته ***** عند مجرى العبير من نهديك ِ
قتًلَ الورد نفســه حسداً منكِ ***** وألقــــى دِمـــــــاه في وجنتيكِ
والفراشات ملّــت الزهر لمّا ***** حدّثتها الأنســــــام عن شفتيكِ
رفعوا منكِ للجمـــــــال إلهاً ***** وانحنــــــوا سجداً على قدميْكِ
7ـ وتغنّى فريد الأطرش مع قصيدة : أضنيتني بالهجر :
أضنيتني بالهجر,,, ما أظلمك!!
فارحم عسى الرحمن أن يرحمك
مولاي ,,حكمتك في مهجتي
فارفق بها يفديك من حكمك!
ما كان أحلى قبلات الهوى,,
ان كنت لا تذكر,,,فاسأل فمك
تمر بي كأنني لم أكن
قلبك أو صدرك أو معصمك
لو مرّ سيف بيننا,,لم نكن نعلم
هل أجرى دمي ,,أم دمك!
سل الدجى كم راقني نجمه
لمّا حكى ,,مبسمه مبسمك
يا بدر,,ان واصلتني بالجفا
ومتّ في شرخ الصبا ,,مغرمك
قلّ للدجى مات شهيد الوفا
فانثر على أكفانه,, أنجمك
=================
28/8/2013 المهندس جورج فارس رباحية
المفــــــــــــــردات :
(1) ـ بشارة عبد الله الخوري هو الشاعر . بينما بشارة خليل الخوري ( 1890 ـ 1962 )
هو رئيس جمهورية لبنان ( 1943 ـ 1952 ) ، هذا للتوضيح لعدم الاتباس بينهما .
(2) ـ عبد الله البستاني ( 1854 ـ 1930 ) وُلِدَ في الدبيّة بلبنان ، يُعتبَر من أئمّة اللغة لـــــه ( البستان ) وهو معجم لغوي .
(3) ـ الأخطل : (640 ـ 708 ) م شاعر بني أمية هو : هو غيـاث بن غوث بن طارقة بن عمرو بن سيحان بن الفَدَوْكَس بن عمرو بن مالك بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمــرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاســـــط ، التغلبي من قبيـــــلة تغلب النصرانية (1) يُكَنّى بأبي مالك ولقبه الأخطل وهو اللقب الرئيسي وله ألقابٌ أخرى منها : دوبــــــــل ، وذو العباية ، وذو الصـــــليب ، وبالكبيــر تمييزاً له عن الأخطل الصغير .
المصـــــــادر والمـــــراجع :
ــــ ديوان الهوى والشباب : بشارة الخوري 1953
ــــ ديوان الأخطل الصغير : بشارة الخوري 1961
ـــ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
ــــ مواقع على الإنترنت :