أوغسطينوس
ليس في الكنيسة قائد نال التقدير و الثناء أكثر من القديس أوغسطينوس . حتَّى الذين انتقدوه شهدوا له بأنَّه المفكِّر الأكثر تأثيراً في الكنيسة . و إسهاماته اللاهوتية اتفق فيها الأرثوذوكس و الالكاثوليك و البروستانت . كان مجادلاً قديراً و واعظاً جيداً . كما كان ماهراً في رعاية الكنيسة روحياً و إدارياً . كان لاهوتياً فذاً , و صاحب مدرسة فكرية لها فلسفة مسيحية للتاريخ .
ولد في 13 تشرين ثاني عام 354 م في مدينة سفسطة ( الجزائر ) . كانت أمَّه سيِّدة تقيَّة ( مونيكا ) و هي صاحبة الفضل الكبير في تنشئته . كانت تصلي لأجل قبوله الإيمان بالمسيح حوالي 30 سنة و لم تخيب صلواتها .... تميزت سنوات شبابه بالصراع الفكري و الأدبي العنيف . وفي سنة 384 م انتقل إلى ميلانو , و كان يستمع هناك إلى عظات أمبروسيوس القوية المؤثرة , التي أعادت احترامه العقلي للمسيحية .
و في سنة 386 م تعرَّض لأزمة انتهت بإمانه , فكان يصرخ مع المرنِّم : إلى متى يا ربّ تنساني ؟ إلى متى تحجب وجهك عني ؟ إلى متى تتركني ؟ لماذا ليس الآن لماذا لا تجعل هذه الساعة نهاية لنجاستي ؟ إذ ذاك سمع صوتاً : خُذْ و اقرأ . و للوقت أدرك أنَّه صوت الله الذي يأمره بفتح الكتاب المقدَّس و يقرأ فيه , فقرأ قول السيد المسيح " اذهب وبع أملاكك و أعط الفقراء .... " وعلى الفور قام بذلك .
و عندما عاد إلى قرطاج رُسِم كاهناً سنة 391 م , ثمَّ تعيَّن أسقفاً لمدينة هيبّو سنة 396 م و منذ ذلك الوقت و حتى وفاته سنة 430 م , وهب حياته كلَّها لخدمة الرب و الدراسة و الكتابة , و ترك وراءه أكثر من 100 كتاب و 500 عظة مكتوبة و 200 رسالة .
ظل يخدم في كنيسة هيبّو حوالي 35 سنة , جعل منها مركزاً فكرياً ثقافياً للكنيسة في الغرب . و أسس ديراً أصبح مدرسة لتعلي الإكليروس , وبعد سنوات أصبح هذا الدير مركزاً للرهبنة الأوغسطينية . و قد كان مارتن لوثر راهباً أوغسطينياً .
و يعتبر واحداً من قادة الإصلاح الأوائل , لأنَّه أظهر فكرة الخلاص من الخطيئة بالنعمة الإلهية . و مات بهدوء و سلام في 28 آب 430 م .
أ . جوني جورج حنكليس - محردة