شذرات من الآيات الإنجيلية
في الشِعْر العربي
المهندس جورج فارس رباحية
في الشِعْر العربي الكثير من المعاني والأفكار تكاد تكون صورة طبق الأصل عن الآيات الواردة في الأناجيل المقدّسة ، كأنها مقتبسة عنها ، أو مُستقاة منها . فنورد أدناه شذرات من بعض هذه الآيات وبين ما ورد في معناها على ألسنة شعراء العرب :
1 ـ جاء في إنجيل متّى : " فلا تهتمّوا للغد . لأن الغد يهتمُّ بما لنفْسه " ( 6 : 34 )
فصاغ الشاعر حاتم الطائيّ (1) هذا المعنى وقال :
كلوا اليوم من رزق الإله وأيسروا فإن على الرحمن رزقــكم غدا
2 ـ وجاء في إنجيل متّى بنفْس الإصحاح : " لا يقدر أحدٌ أن يخدم سيّــدين . لأنه إمّا أن
يبغض الواحد ويحب الآخر أو يُلازِم الواحد ويحتقر الآخر . لا تقدرون أن تعبدوا اللـه
والمال ." ( 6 : 24 ) . فصاغ الطائيّ أيضاً :
إذا كان بعض المال رباً لأهله فإني بحمــد الله مالي معبّد
3 ـ وجاء في نفْس الإنجيل : " لا تدينوا لكي لا تُدانوا " ( 7 : 1 ) فصـاغ هذا المعنــى
الشاعر أمية بن أبي الصلت (2) وقال :
لا تخــلِطنّ خبيــثات بطيبــة واخلع ثيابك منها وانجُ عريانا
كلّ امرءٍ سوف يجزي قرضه حسناً أو سيئـاً ومــديناً كالذي دانا
4 ـ وجاء في نفس الإنجيل : " أحبّوا أعداءكم . باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مُبغضيكم ..."
( 5 : 44 ) . فقال الشاعر معن بن أوس (3) :
وذي رحم قلمت أظفار ضغنه بحلمي عنه وهو ليس له حلم
5 ـ وقال الخوارزمي (4) بالمعنى الذي ورد بنفس الآية السابقة ( 5 : 44 ) :
وإني لا لقي المرء أعلم أنه عدوّ وفي أحشائه الضغن كامن
فامنحه بشراً فيـرجع قلبه سليماً وقد ماتت لديه الضغائن
6 ـ وجاء بنفْس الإنجيل : " طوبى للرحماء لأنهم يُرحَمون " ( 5 : 7 ) فقال الأصمعي (5)
بهذا المعنى :
قساوة المرء من شقــائه فإذا يلين سـاد بلا أينٍ ولا نصب
لا يرحم الله إلا الراحمين فمن يرحم ينل رحمة في كل منقلب
هذه بعض الأشعار التي وردت في دواوين الشعراء فهي لا تختلف عما ورد في الأناجيل من آيات وأفكار سامية . فالأناجيل كانت وما زالت معينة لكل فضيلة ولكل فكرة سامية ولكل كرامة وأدب وتقوى .
10/10/2010 المهندس جورج فارس رباحية
المفـــردات :
(1) ـ حاتم الطائيّ ( توفي 605 م ) شاعر جاهلي اشتهر بشجاعته وسخائه وكرمه ضرب
به المثل ( أجوَد من حاتم ) .
(2) ـ أمية بن أبي السلط ( توفي 630 م ) شاعر جاهلي من رؤساء ثقيف وفُصَحائهم قيل
إنه من النُسّاك قال بالتوحيد ونبذ الأوثان .
(3) ـ معن بن أوس ( توفي 650 م ) شاعر مُخَضْرِم من بني مُزينة .
(4) ـ الخوارزمي : هو أبو بكر الخوارزمي ( 935 ـ 993 م ) شاعر وعالم من أئمّـة
الكتّـاب وثقة في اللغة ومعرفة النساب .
(5) ـ الأصمعي هو سعيد بن عبد الملك الأصمعي ( 740 ؟ ـ 828 ؟ م ) من مشـاهير
لغويي العرب .
المصــادر والمراجع :
ـ الكتاب المقدس : بيروت 1968
ـ مجلة النعمة : السنة 2 / 1962
ـ المنجد في اللغة والأعلام : بيروت 1973
[b]