أدباء حمـص في المهجر
نبيـــه ســـلامة
1908 ـ 1993
المهندس جورج فارس رباحية
وُلِدَ نبيه بن نقولا سلامة في حمص يوم الأربعاء بتاريخ 4 آذار سنة 1908. وبسبب إغلاق المدارس خلال الحرب العالمية الأولى ، فقد تأخّر عن دخول المدرسة حتى عام 1919 حيث التحق بالمدارس الأرثوذكسية بحمص ثم أكمل تعليمه فحصل على شهادة أهلية التعليم فعمل مدرّسـاً في كل من محردة ، حماه ، دمشق وحمص .
في الفترة بين 1925 ـ 1927 عمل مراسلاً لجريدتي ( ألف باء ) الدمشقية و( لسان الحال ) البيروتية ثم اشترك مع فريق من أدباء حمص في إصدار مجلة ( البحث ) . كما أصدر رواية ( جاكلين أو لذائذ الانتقام ) .
في عام 1935 غادر نبيه إلى البرازيل واستقرّ في مدينة سان باولو وعمل محرّراً في جريدة ( الرابطة الوطنية السورية ) ، واستمرّ في هذا العمل إلى أن أغلقت الحكومة البرازيلية جميع الصحف الأجنبية أثناء الحرب العالمية الثانية . ففي الفترة بين 1940 ـ 1946 عمل في مجال التجارة في سان باولو وبعد أن تعرّض متجره لحادث أدّى إلى احتراقه ، انتقل إلى بلدة ( رانشايا ) .
في عام 1956 تزوّج ورُزِقَ بولدين : ( سولي ) تيمّناً بعمّته الأديبة المعروفة سلوى سلامة أطلس صاحبة مجلة ( الكرمة ) والثاني سامي .
في عام 1964 اشترك بتأسيس ( جامعة القلم ) بعد غياب العصبة الأندلسية عن الساحة الأدبية المهجرية .
في عام 1967 عاد واستقرّ في سان باولو وبدأ يُراسل جريدة ( حمــص ) وينشر في رسائله إليها أخبار المغتربين تحت عنوان ( حمص النازحة في المهجر البرازيلي ) بالإضافة إلى نشر نتاجه الأدبي ، واستمرّ يُراسلها متطوِّعاً حتى آخر سنين حياته .
في الفترة بين 1967 ـ 1970 عمل محرّراً في مجلة ( المراحل ) ، كما أصدر في عام 1970 كتاب عن الأديب داود شكّور . وبدأ بنفس العام العمل مع الأستاذ عبد اللطيف اليونس في جريدة ( الأنبـاء ) ، ثم تولّى أمانة سر تحريرها ومسؤولاً عن الصفحة الأدبية خلال الفترة من 1975 ـ 1979 .
بعد 36 عاماً من الاغتراب قام الشاعر نبيه سلامة بزيارة الوطن عام 1971 ، فأقام له أدباء حمص وشبابها حفلة استقبال في نادي الرابطة الأخوية بحمص ألقى فيها قصيدة بعنوان ( عودة مهاجر ) كما أقيم له حفلاً وداعياً في مقصف الكاردينيا في ختام زيارته ألقى فيها قصيدته ( زفرة وداع ) .
بعد عودته من زيارة الوطن أصدر في عام 1973 ديوانه ( أوتار القلوب ) الذي ضمَّ قصائده الرائعة .
ساهمَ شاعرنا بتأسيس ( عصبة الأدب العربي ) في البرازيل مع نخبة من أدباء المهجر منهم : يوسف المسمار ، محمد ناصر ، أنطون لاذقاني ، شكيب تقي الدين ، خليل العقدي ، رفول باخوس وغيرهم ، وانتُخب في إحدى الدورات رئيساً لها لمدة سنتين .
وبعد 14 عاماً زار الوطن عام 1958 للمرة الثانية وكان له استقبالاً ووداعاً يليقان بمقامه
وبعد عودته إلى البرازيل تابع نشاطه الأدبي إلى أن وافته المنية أواخر عام 1993 . ونشرت: (صحف المهجر ولبنان وسورية: لاسيما جريدة حمص الذي عمل لها مراسلاً متطوِّعاً أكثر من ربع قرن ) نبأ وفاته ، وأقامت له عصبة الأدب العربي حفلة تأبينية كبيرة في المركز الثقافي السوري في سان باولو ، استهلها رئيس فياراب البرازيل الدكتور رزق الله توما بكلمة رائعة باللغة البرتغالية وكان عريف الحفل الدكتور فادي عبد الخالق وتوالى على الكلام معظم أعضاء عصبة الأدب العربي واختتم الاحتفال مدير المركز تميم دعبول مشيداً بمناقب الشاعر الكبير ووطنيّته وشاعريته المميّزة .
وفي إيلول 1994 أصدر الأستاذ مدحت عكاشة عدداً خاصاً من مجلة الثقافة عن المرحوم الشاعر نبيه سلامة .
ومن أقوال بعض الأدباء عنه :
1ـ قال الدكتور عبد اللطيف يونس : ( يمتاز شعره بالرِقة والسلاسة .. ونعومة الكلمة وحلاوة اللفظ ، وعمق الفِكرة وجمال الصورة والشعر .. إنما هو كلمة قبل أن يكون معنى وديباجة ، قبل أن يكون فكرة وصورة ، قبل البحث عما تتضمّنه الصورة . شاعر مترف العاطفة ، منطلق الخيال ، وقف أكثر شعره على الحنين إلى الوطن والتغني بمناظره الفاتنة ، وأمجاده الخالدة وروائعه التي لا حدّ لها ).
2 ـ قالت عنه الأديبة نهاد شبّوع : ( مالت شمس الفقيد إلى المغيب بعد أن شعَّت خيوطها وخطوطها ألواناً ودفؤها في فضاء الوطن وآفاق الانتشار سنوات خصيبة ... إلى أن انقطع آخر خيط لها مع الحياة في شهر كانون الثاني 1994 ... ولم يكن سفر هذه الشمس في متاهات الأرجاء ليحول دون رجوع ضيائها إلى النبع الأم حيث انبثقت وترعرعت وأشرقت ليكون رقادها ـ ألأخير ـ في مغنى الأماني ( حمص ) وفي عيون ابنائها وطي ضلوعهم ، وانتظارهم وتأريخ أشواقهم ، إذ لا بدّ من حمص ( لنبيههم ) مهما طال السفر وابتعد الترحال ، تماماً كما لا بدّ من حمص لكوكبة أمثاله لم نذق أن نزرع فوق قبرها ياسمينة حمصية واحدة كم تمنّتها يوماً ) .
مؤلّفـــاته :
ـ ديوان أوتار القلوب
ـ رواية جاكلين أو لذائذ الانتقام
ـ الأديب داود شكّـور
ـ بالإضافة إلى قصائد نشرت في الصحف التي راسلها وعمل بها منها : ألف باء ، لسان
الحال ، مجلة البحث ، الكرمة ، المراحل ، الأنباء ، جريدة الرابطة الوطنية السورية ،
جريدة حمص .
مقتطفـــات من أعمالــه :
1ـ من قصيدة في حفلة وداع السفير السوري أبو النور طيارة بالبرازيل عام 1973 :
أترحل عن قلوب أنت فيها نزيل تعشق الأرواح قُرْبَــهْ
كتبت بصفحة الأوطان سفراً يشعّ بريقه في كل حقبـــة
وقفت العمر للوطن المفدّى فصنت حياضه وخدمت شعبه
2 ـ من قصيدة في حفل تأبين الأديب داود قسطنطين الخوري عام 1939 :
أيهذا الماضي وحولك جيشٌ غرستهم يُمناك غرساً سويّا
كلما رفرف الخيال عليهم تهتف العين بالمدامع هيّـا
*********
أنت حيٌّ ولو دهتك المنـايا أنت نورُ ولو طواك الضريحُ
كل نفْسٍ صقلتها هي صوتٌ صـارخ بالذي عملت يصيح
*********
3 ـ وقــــال :
أهوى بلادي ولا أنسى مودّتها وامحض الحب في سري وفي علني
يا ليته لم يكن يوم ولـدت به إن لم أقم هاتفاً لبــيك يا وطـني
4 ـ وقال في الصدق والإباء :
لاتقل أمراً وتنفيه غــــداً خجلاً أو رهبة من شرس
لاتكن حرباء في ألوانـــها وإذا جرعت مُراً فاحـشِ
كُن أبيّ النفس لاتخشى الردى وانطق الحقّ وإلاّ فاخرسِ
5 ـ وقال في الحنين إلى الوطن :
ما غابت الشمس أو لاحت لمغترب إلاّ لتنقل عن أوطانه لمعـــا
يحيـا المهاجر والذكرى تؤرّقــه ولا تهادنه إلا إذا رجــــعا
يا للغريب وقد شاخت عزيمـــته ماذا استفاد من المال الذي جمعا
هب الدراهم ردّت بعض صحّتــه فمَن يردّ له الأيام والجمعـــا
6 ـ وقال في وصف حالـه :
لم يبق منيّ سوى رسمي فأتركـه لعلّه ناقــلٌ بعضــي لأحبابي
والخير في الرسم صمت لا يفارقه فليس يُدرك من يحظى بـه ما بي
1/6/2008 المهندس جورج فارس رباحية
المراجــع والمصــادر :
ـ أوتار القلوب : نبيه سلامة
ـ داود قسطنطين الخوري : وزارة الثقافة 1964
ـ أرشيف جريدة حمص
ـ مواقع على الإنترنت