المحاضرة بعنوان اسبوع الالام(لقداسة البابا شنودة )
السيد المسيح تألم كثيرا والامه لم تكن فقط فى اسبوع الالام بل منذ ولادته وولد فى عز الشتاء والدنيا برد ومافيش اغطية . وبعدين هيرودس قرر ان يقتل كل الاطفال فاضطر ان يهرب الى مصر
يعنى كانت الام من اولها وعاش حياة كلها الم فى بيت فقير وقيل عنه انه لم يكن له اين يسند رأسه وعاش بدون وظيفة رسمية وعاش فى منغصات ومؤامرات من قادة اليهود وخصوصا من الكهنة والكتبة والفريسيين . وسط اتهامات باطلة . فقالوا عنه انه مجدف وانه ضال وانه مضل وانه ببعلزبول يخرج الشياطين وانه يعاشر الخطاه وقالوا له اليس حسنا قلنا انك سامرى وبك شيطان يعنى اهانات كثيرة .
والكتاب بيقول انه جاء الى خاصته وخاصته لم تقبله ولكن اسبوع الالام كان اكثر الايام سوءا عليه من جهة الالم والعجيب ان السيد المسيح لما تألم قدس الالم بألمه . فاصبح الالم شئ مقدس ولذلك يقول الرسول بولس ان الالم هبة من الله يقول من جهة المسيح وهب لكم لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتالموا من اجله . يعنى الالام من اجله عبارة عن هبة وهبها لنا الله لانه ورائها الاكاليل وفوائد روحية كثيرة .
ويقول بطرس الرسول ان تالمتم من اجل البر فطوباكم ويقول الرسول ايضا ان كنا نتالم معه فايضا نتمجد معه . فالالم مربوط بالمجد . ومن الخير لنا ان نتالم هنا مثل لعازر المسكين خير من ان نتمتع مثل غنى لعازر .
وما اجمل ما قاله الشاعر امير الشعراء احمد شوقى
ومتعت بالالم العبقرى وانبغ ما فى الحياة الالم
الانسان لما يكون متالم تكون نفسه صافية اكتر من غيره . لما يكون متمتع ومبسوط بينسى ربنا وينسى نفسه ويمشى فى الارض خيالاء ولكن فى الالم نفسه تصفى . ويعرف الامور على حقيقتها بالاكثر ولذلك المريض اللى قاعد فى المستشفى وخصوصا فى العناية المركزة تلاقى قلبه مع ربنا اكثر من لما كان مش مريض .
والناس اللى بيصابوا بامراض خطيرة يبدوا ان لا شفاء لها . هولاء بتكون نفسيتهم اكثر صفاءا وقربهم لله اكتر .
وفى اسبوع الالام نحن نشترك مع الرب فى الامه كما قال الرسول لاعرفه وقوة قيامته وشركة الامه فنتألم معه ونتالم لاجله ونمجده فى الامه .
ازاى نمجده فى الامه باللحن اللى بنقوله باستمرار لك القوة والمجد والبركة والعزة يا عمانوئيل الهنا
نتابع المسيح فى هذا الاسبوع ونحن نغنى له هذه الانشودة كثيرون قد تركوه حتى تلاميذه خافوا ومشيوا
والشعب انقلب عليه وبقى يقول اصلبه اصلبه
الشعب اللى هو تعب من اجله كتير وشفى مرضاه واقام موتاه وصنع معه اعاجيب
الكل تركوه اما نحن فوسط ضعف هؤلاء الابرياء من تلاميذه ووسط خيانة الشعب والقادة نقول له نحن لن نتركك يا رب نحن معك فى كل وقت ونحن نعرف من انت . انت اللى ليك القوة والمجد والبركة .
من اكثر الناس الذين تركوه يهوذا تلميذه . العجيب ان يهوذا هذا كان الرب قد عمل معه جمايل كثيرة جدا اولا اختاره تلميذ له . فصار واحدا من الاثنى عشر . ثانيا ارسله للتبشير والكرازة وجعل الشياطين ايضا تخضع له باسم الرب كباقى التلاميذ . واكثر من باقى التلاميذ جعل الصندوق فى يده وكان ايضا من عمله انه يهتم بالفقراء والتلاميذ فى احتياجاتهم . ومش بس كده . كان يجلس بجانبه وكون ان يغمس معه فى الصحفة دى بركة كبيرة .
على الرغم من كل هذا خانه . ومش بس خانه . دا هو اللى سعى الكتاب يقول سعى الى رؤساء الكهنة وقال ماذا تعطونى لاسلمه ؟
حاجة صعبة غير منتظرة .
بيقول الكتاب ان لما اخذ اللقمة دخله الشيطان . اذا يهوذا كان مقودا بالشيطان فى خيانة سيده . وبعدين سلم المسيح بقبلة . تقدم اليه وقبله وقال له يا سيدى ولكن المسيح لم يقل له يا خائن . قال له يا صاحب ابقبلة تسلم ابن الانسان
علشان كده احنا فى الكنيسة من ليلة الاربعاء يمنع التقبيل فى الكنيسة تذكرا لقبلة يهوذا
يعنى مانسلمش على بعض ولا الاباء الكهنة ولا اى احد محتجين على تلك القبلة الخائنة الغادرة ونقول اللحن الخاص بها
لو ان الرب اساء الى يهوذا او اتعبه نقول كان يمكن بينتقم لنفسه ولكنه عمل معاه كل خير فقابله بهذا
ومش بس فى اسبوع الالام يمنع التقبيل من اجل خيانة يهوذا انما طول السنة بنصوم يوم الاربعاء احتجاجا على ما فعله واحد منا ضد سيده .
النقطة التانية :
السيد المسيح لما صلب . صلب بارادته . هو قال ان اضع نفسى لاخذها لا يستطيع احد ان ياخذها منى بل انا اضعها بذاتى لى سلطان ان اضعها وسلطان ان اخذها ايضا .
ولذلك كان يعرف الوقت الذى سيسلم فيه والمكان وذهب الى ذلك المكان الذى سيقابله فيه الجند والخائن يهوذا .
ولذلك قال للتلاميذ فى يوحنا 13 ان يسوع وهو عالم ان ساعته قد جاءت اذ كان قد احب خاصته الذين فى العالم.
ابن الانسان سيسلم لاجل الخطاه ولكن ويل لذلك الشخص الذى سيسلمه
ويهوذا لم يعبء بالحب ولا بالانذارات .
المهم فى الموضوع ان السيد المسيح ذهب بارادته الى المكان الذى سيسلم فيه وفى نفس الوقت وهنا احب ان اقول لكم امرا هاما فى حياة السيد المسيح . هو له لاهوت كامل وناسوت كامل لكن السيد المسيح لم يحدث مطلقا انه استخدم لاهوته من اجل راحة ناسوته .
يعنى مثال : لما صام الاربعين يوم جاع . وجاله الشيطان قاله لو كنت ابن الله فحول الحجارة خبز وتاكل . لعبة من الشيطان علشان يستخدم لاهوته من اجل ناسوته
ولكن استخدم لاهوته فى اشباع الجياع فى معجزة الخمس خبزات والسمكتين
يعنى استخدم لاهوته لراحة الاخرين وليس لراحته هو شخصيا
لم يستخدم لاهوته ضد الناس اللى كانوا جايين يقبضوا عليه ولكنه لم يفعل ولم يفعل من اجلنا نحن من اجل خلاصنا لكى يموت عنا لكى يفدينا فلم يهرب من الموت . فهى شجاعة ولكن ايضا حب . احب خاصته الذين فى العالم احبهم حتى المنتهى .
كان يستطيع ان ينزل من على الصليب ولكنه لم يفعل بل بقى على الصليب من اجلنا لكى يموت عنا ويفدينا ويدفع ثمن خطايانا .
الصليب بالنسبة له وبالنسبة لنا لم يكن علامة ضعف ولا عار . والا ما كنا نقبله ونجعله شعارا لنا .
ونفتخر به كما يقول بولس الرسول حاشا لى ان افتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح .
والالم بالنسبة لنا ليس عاراً .
كثيرا من الناس يحبون البهجة والفرح والسرور . ولكنهم يستفيدون من الالم .
الالم هو اللى بيفيدهم .
السيد المسيح فى تالمه وفى صلبه كان مثالا لنا ومعلما لنا فى اشياء كثيرة كان فى صلبه مثالا للحب والبذل يحب الخطاه حتى يموت عنهم . كلنا كنا تحت حكم الموت لان اجرة الخطية هى موت ولكنه من فرط حبه لنا مات عنا وكان ذبيحة خطية . كان قويا فى الامه وصامدا بل سر بالالم . الرسول بيقول من اجل الشرور الموضوعة امامه كان مضحيا من اجل غيره . وفى موته كان منتصرا انتصر على الشيطان وسحق راس الحية وبدد مملكة الشيطان وهو نفسه ملك على خشبة . وبموته داس الموت
المسيح فى صلبه ايضا كان مثالا فى احتماله فى احتمال الالم وفى احتمال الاستهزاء وفى احتمال الموت والمسيح ايضا فى صلبه كان مثالا فى المغفرة للمسيئين لذلك قال عن الذين صلبوه يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يدرون ماذا يفعلون . غفران وتقديم سبب للغفران .
السيد المسيح كان قويا على مستوى روحى وليس بالمستوى الجسدى الذى يراه الناس وكان ناجحا فى اكمال رسالته . كان ذبيحة خطية وذبيحة محرقة . وهو على الصليب كان له حنو فى قلبه نحو امه .
وتركها فى رعاية تلميذه يوحنا الحبيب . قالها هذا ابنك وقاله هذه امك .
طبعا الكل تركه لكن قلة وقفت الى جواره على الصليب امه العذراء وتلميذه يوحنا الحبيب ومريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية . السيد المسيح فى حنوه وفى حبه حمل كل خطايانا . خطايا العالم كله . منذ ادم الى اخر الدهور . حمل خطايانا لكى يمحوها بدمه ويكون فاديا للجميع . ولذلك فى اسبوع الالام ليس مجرد اسبوع الالام ولكن هو ايضا اسبوع فداء وخلاص للبشرية كلها .
وفى مقدمة الذين فداهم وخلصهم اللص اليمين . اللص اليمين يمثل الذين جاءوا للمسيح فى اخر حياتهم فى الساعة الحادية عشر من النهار . اخطئ مدة طويلة ولكن جه فى الاخر . ونال الخلاص . ده رجاء لينا ان ممكن حد يخلص حتى فى اخر لحظة من حياته .
فاعترف بالمسيح ربا وملكا وقاله اذكرنى يارب متى جئت فى ملكوتك. وكان ايضا يعترف بان المسيح قادر على ان يخلصه .لذلك قال له السيد اليوم تكون معى فى الفردوس .
فى نقطة جميلة فى العبارة دى . لم يقل له اليوم تكون فى الفردوس . قاله اليوم تكون معى . يعنى زى ما انت ما كنت معى فى الصليب انت هاتكون فى الفردوس . فاعطاه بركة الصحبة والعشرة انه يكون معاه .
وهذا اللص لم يكن اول من دخل الفردوس . اللص مات فى الساعة الحادية عشر يعنى دخل بعدها بساعتين مش اول واحد . البعض يقول ماتعمدش . لا اتعمد المعمودية موت مع المسيح وقيامة معه وهو فعل ذلك
