تعتبر الرياح مصدرا مثاليا للطاقة فهي لا تنضب و لا تخلف أية ملوثات ضارة ولمسح المساحة الكلية على سطح الكرة الأرضية للمناطق المناسبة لنصب توربينات الرياح فيها، قام VAN WEIJEK وآخرون في عام 1991 بتقدير الإمكانيات النظرية المتاحة في العالم في هذه المناطق، فقدرت بـ[TWh/year] 20000، وهذه تعادل ضعف الاستهلاك العالمي للطاقة الكهربائية في عام 1987.
وبعد الأخذ بالحسبان المحددات المختلفة التي تواجه نصب مثل هذه المنظومات، توصل هذا الفريق من علماء الطاقة إلى أنه يمكن نصب عنفات رياح بسعةMW 450000 لغاية عام 2020، وهذه الكمية ستقوم بتوليد ما يقارب من[TWh/year] 900، وهو ما يعادل 10% من الاستهلاك العالمي للطاقة الحالي، أو 3.5% من الاستهلاك المتوقع _طبقاً لتقدير مجلس الطاقة العالمي_ في عام 2020.
هذه الكمية المولدة ستمنع انبعاث 800 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون لو أنّ توليد الطاقة الكهربائية تمَّ من المحطات التي تستخدم الفحم الحجري، ونظراً إلى التطورات الحالية فإنه من المتوقع أن يزداد استخدام طاقة الرياح في مختلف أنحاء العالم.
تعتبر طاقة الرياح آمنة وهي طاقة بيئية لا يصدر منها ملوثات مضرة بالبيئة. يتجه العالم الآن بعد ظاهرة الاحتباس الحراري فضلا عن التلوث لاعتماد مصادر الطاقة المتجددة كمصادر طاقة بديلة وللتخفيف من استخدام الوقود الأحفوري. ولهذه الأسباب يسعى التقدم التكنولوجي إلى خفض تكلفة طاقة الرياح لتوسيع انتشارها.
الرياح في سوريا Wind in Syria:
بالاستفادة من منحة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ومن خبرة مخبر " ريزو " الدانمركي تم إنجاز أطلس للرياح باللغتين العربية و الإنكليزية، وتضمن أطلس الرياح معلومات عن سرعات الرياح مأخوذة من /60/ محطة رياح في القطر تغطي معظم المناطق المناخية في القطر، وهذه المعلومات تتضمن نتائج القياسات الريحية لمدة /10/ أعوام (1979-1989)، ويمكن اعتبار هذه المعلومات أساساً لتقدير الطاقة الريحية المتاحة للاستفادة منها في توليد الكهرباء.
وفقاً لهذا الأطلس تم إعداد خارطة الرياح في القطر العربي السوري حيث تم تقسيم القطر إلى /4/ مناطق ريحية، تبلغ مساحة المنطقة الأولى والتي تتوفر فيها سرعة رياح مجدية تتراوح من /5 m/s/ إلى /11.5 m/s/ حوالي 54000 km2 حيث يمكن اعتبار هذه المساحات كمناطق مرشحة للدراسات التفصيلية اللازمة لاستخدم طاقة الرياح في مجال توليد الكهرباء.
خارطة الرياح في سوريا
من خلال قراءة متأنية لخارطة الرياح في سوريا يمكن تقسيم المناطق الملائمة لاستثمار الرياح والتي تمتلك سرعة وسطية للرياح أكبر من 5 m/s إلى خمس مناطق:
1) منطقة الجبال الساحلية
وتمتد من ادلب وحتى غربي حماة وغربي مدينة حمص " شين " تمتلك هذه المناطق رياحاً جيدة ولكن امتداد السلاسل الجبلية و وجود الغابات والمناطق الزراعية (أشجار مثمرة) يعيق إنشاء المزارع الريحية بالإضافة إلى ارتفاع ثمن الأرض.
2) المنطقة الوسطى
وتمتد من مدينة قطينة وباتجاه الشرق حتى تدمر وإلى غربي دير الزور وشرقي الرقة ثم العودة مروراً بقرية الكروم وقرية اثريا حتى سلمية.
تمتاز هذه المنطقة باتساع المساحات الملائمة لإنشاء المزارع الريحية ورخص ثمن الأرض وملاءمتها (أرض رعوية وصحراوية) وتعتبر منطقة قطينة من أفضل مناطق القطر لإنشاء مزارع ريحية على الرغم من كون الأراضي المحيطة زراعية وارتفاع ثمن الأرض إلا أن قربها من شبكة التوتر العالي ورياحها الجيدة تعوض ذلك.
السيئة الأخرى لهذه المنطقة هي انخفاض معدل السرعة عن 4 m/s لمدة أربع أشهر خلال العام اعتباراً من شهر كانون الثاني وحتى بداية شهر آذار كما يظهر في المنحني المرفق إلا أن ارتفاع معدل سرعة الرياح ليصل 12 m/s خلال شهري تموز وآب يعوض هذا الانخفاض ، وهناك مشروع لإقامة أول مزرعة ريحية في القطر في هذه المنطقة يتوقع بدء العمل فيه في القريب العاجل.
توزع رايلي لمنطقة قطينة
وتأتي منطقة تدمر في المرتبة الثانية أهمية بعد منطقة قطينة وعلى الرغم من انخفاض معدل سرعة الرياح (أقل من منطقة قطينة) وضعف الشبكة الكهربائية إلا أنها تمتلك أراضي شاسعة رخيصة الثمن والمنحني في الشكل يوضح معدل سرعة الرياح خلال أشهر السنة وهو يشبه منحني التوزع لمدينة قطينة مع انخفاض في معدل السرعة من 12 m/s عند الذروة في شهري تموز وآب.
توزع رايلي لمنطقة تدمر
3) المنطقة المحيطة بالطريق الدولية (حمص – دمشق)
على الرغم من انخفاض معدل سرعة الرياح في هذه المنطقة (5 – 6 m/s على ارتفاع 50 m) إلا أنها تمتاز بعدة ميزات هامة:
1. وقوعها بالقرب من الطريق الدولية حمـــص – دمـــشــق
2. وقوعها بالقرب من خط التوتر العالي (سهولة الربط بشبكة جيدة)
3. رخص الأراضي واتساعها (أراضي رعوية)
وتعتبر منطقة جندر من المواقع الواعدة في هذه المنطقة.
4) المنطقة الجنوبية الغربية
تمتد من جنوب مدينة دمشق وحتى مدينة القنيطرة ومرتفعات الجولان وتمتاز هذه المنطقة بمعدل سرعة رياح أعلى من 5 m/s على مدار العام كما يظهر في الشكل وبالقرب من مدينة القنيطرة (شمالي مدينة البعث) تم توقيع أول عنفة ريحية بالقطر باستطاعة 150 kW عام "1994 "
توزع رايلي لمنطقة القنيطرة
5) المنطقة الجنوبية الشرقية
وتمتد من مطار دمشق الدولي حتى سبع بيار والتنف ونزولاً إلى أقصى الجنوب (الزلف) على حدود الأردن. تمتلك هذه المنطقة رياح جيدة إلا أن بعدها عن شبكات الطرق العامة والشبكة الكهربائية يضعف من أهميتها في الوقت الحاضر.
لمحة تاريخية عن استثمار طاقة الرياح في سوريا Historical Overview on Wind Energy in Syria:
يعود استثمار طاقة الرياح في سوريا إلى بداية عقد الخمسينات من القرن الماضي حيث نقل بعض المغتربين السوريين العائدين من أمريكا الجنوبية تقانة المراوح الريحية الميكانيكية متعددة الشفرات لضخ المياه، وتم تصنيع ما يقارب الـ /4000/ مروحة في ورش صغيرة، وجرى تركيبها في منطقتي حمص والقلمون، وعملت هذه المراوح بنجاح لسنوات عديدة قبل أن يتوقف معظمها عن العمل بسبب ندرة المياه الجوفية.
- في عام 1979 أنشأت وزارة الكهرباء محطة ريحية-شمسية في عدرا بقدرة /2 kW/ منها /1kW/ عنفة ريحية موصلة مع مولدV) 220/380) ومحول مخفض إلى /24 V/ لتغذية البطاريات، وقد تم نقل هذا المشروع إلى كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة دمشق لتدريب الطلبة.
- في عام 1994 تم إصدار أطلس الرياح باللغتين العربية و الإنكليزية، وذلك بالاستفادة من خبرة مخبر "ريزو" الدانمركي ضمن منحة البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بالتعاون مع الأرصاد الجوية والجهات المعنية في القطر.- في عام 1994 تم تركيب مجموعة توليد كهربائية ريحية باستطاعة /150 kW/ في مدينة البعث (محافظة القنيطرة) وربطها بالشبكة العامة وذلك بالاعتماد على معطيات أطلس الرياح.
- تم إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية الفنية لإنشاء مزرعة ريحية في محافظة حمص (موقع السنديانة) تتألف من عشرة وحدات ريحية باستطاعة /500 kW/ لكل منها أي استطاعة إجمالية /5MW/ بالاشتراك مع مخابر "ريزو" بالدانمرك وبالتعاون مع المديرية العامة للأرصاد الجوية.
- بتمويل من البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وبالتعاون مع قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة تم إعداد دراسة المخطط العام لتنمية وتطوير استخدامات الطاقات المتجددة في سوريا و لغاية عام 2015.
- ضمن منحة المجموعة الأوربية المخصصة لقطاع الكهرباء، تم لحظ مبلغ /450/ ألف يورو لتركيب /20/ محطة قياس متطورة في مواقع مختلفة في القطر لتحديد أفضل المواقع الملائمة فنياً واقتصادياً لإنشاء مزارع ريحية في القطر.
- في عام 2009 أصدر السيد الرئيس بشار الأسد مرسوم الطاقات المتجددة الذي أكد فيه على دور الطاقات المتجددة في عملية التطوير والتحديث