--------------------------------------------------------------------------------
منذ القدم السحيق، نظر الإنسان إلى السماء المرصعة بالنجوم وراح يتساءل عما تعنيه تلك الآلاف من نقط الضوء والسر الذي يكمن من ورائها . فلاحظ أن بعض "النجوم " تتحرك بالنسبة لنمط مجموعات النجوم الثابت منها والذي لا يتغير وقد أطلق على تلك " النجوم " المتحركة اسم النجوم " المتجولة " وبطبيعة الحال نحن نعرفها اليوم باسم الكواكب السيارة Planets . والنجم Star عبارة عن كرة من الغاز بالغة الكبر أما الكواكب السيارة فهو أصغر وصلب، ولا يضئ الكوكب تلقائيا وعندما نرى المشتري مثلا في السماء أثناء الليل، إنما نرى في واقع الأمر ضوء الشمس المنعكس أو المرتد من سطحه . والنجوم أكثر لمعانا أو بريقا من الكواكب ـ في مثل بريق أو حتى أشد بريقا من شمسنا ومع ذلك لا تبدو النجوم بالنسبة لنا أكثر لمعانا من الكواكب نظرا لأنها أعظم بعدا بكثير. ومن السهل أن نرى من الكواكب المريخ Mars، والزهرة Venus، والمشترى Jupiter، ولكن الكواكب النائية يورانوس Uranus، ونبتون Nepitume، وبلوتو Pluto ضعيفة البريق أو خافتة . ولم يكتشف بلوتو إلا عام 1930، عندما أظهرت الصور الفوتوغرافية لنفس الجزء من السماء، المأخوذة في أسابيع متعاقبة أن " نجما " قد تحرك . ولقد شارك مرصد حلوان في هذا الاكتشاف .
كثافة الكون
عندما نرفع أبصارنا إلى السماء في ليلة صافية، نستطيع أن نرى آلاف النجوم . ولكن المنظار الفلكي المكبر، يكشف لنا، زيادة على ذلك، الملايين فوق الملايين، وكل نجم عبارة عن كرة ضخمة جدا من الغاز على غرار شمسنا . وعلى الرغم من عدد النجوم الضخم، فإن الكون لا يزدحم بالنجوم، وتفصل النجوم بعضها عن بعض مسافات شاسعة . وإذا ما تصورنا فصل كل ذرات النجوم ليتم توزيعها بانتظام في الكون لتمخض ذلك عن وجود ذرة واحدة فقط لكل 4000 قدم مكعبة من الفضاء ( توجد 1.5.000.000 مليون مليون ذرة في البوصة المكعبة من الماء ) .
الأجرام السماوية / حياة النجم
إن النجوم هي أهم سكان هذا الكون Universe، إذ أنه من غيرها لا توجد أية حرارة أو أي ضوء . فكل نجم، إنما يشع بصفة مستمرة مقادير هائلة من الطاقة المتولدة عن التفاعلات النووية التي تحدث في أعماق النجم . ولا تتشابه النجوم أو تتطابق قط، إذ تختلف من حيث الحجم، واللون، ودرجة اللمعان أو البريق ودرجة الحرارة .
وشمسنا نجم متوسط، ليس له ما يمتاز به عن سائر النجوم . وتبدو النجوم كأنما لا حدود لعمرها، وتلك حقيقة واقعة، إذا ما قورنت بعمر الجنس البشري، ولكن على الرغم من ذلك فلا بد أن يكون لكل نجم نقطة ابتداء ومن ثم تكون له نهاية .
يبدأ النجم حياته على هيئة سحابة ضخمة، ليس لها شكل معين من غاز الأيدروجين والغبار الكوني، وتبدأ تلك السحابة في الانكماش والدوران . وكلما انكمشت، ارتفعت درجة الحرارة في مركزها، حتى إنه بمضي الوقت، تتكون كرة من الغاز المشتعل ـ نجم صغير . وعندما تصل درجة الحرارة في مركزه حدود 10 إلى 20 مليون درجة سنتيجراد، يتحول الأيدروجين على التدريج إلى غاز الهليوم Helium عن طريق التفاعل النووي . ويستنفد النجم ما فيه من غاز الأيدروجين عبر آلاف ملايين السنين، لا يلاحظ خلالها حدوث تغيرات على سطح النجم لها قيمة . وشمسنا في هذه المرحلة من حياتها، تستنفد أيدروجينها عبر4.000 مليون سنة .
وبمضي الزمن، يتحول معظم الأيدروجين إلى هليوم، وعندئذ يزداد بريق النجم وحجمه، وقد تصل زيادة قطره إلى 300 مرة قدر قيمته الأصلية . وكما قلنا، يزداد لمعان النجم واحمراره ومن ثم يعرف باسم ( العملاق الأحمر Red Giant )، وعند هذه النقطة من حياة النجم، قد ينفجر فجأة، بحيث يتم الانفجار خلال دقائق معدودات ويرسل طبقاته الخارجية لتنطلق عبر الفضاء الكوني وعندئذ يسمى باسم ( المتجدد أو البراق Nova )، ولكن سرعان ما تنتهي هذه الحالة من الشذوذ، ويبرد النجم ليصبح ( قزما أبيض White Dwarf ) . والقزم الأبيض المثالي، لا يزداد حجمه على حجم المشترى Jupiter، رغم أن كتلته تعادل كتلة المشترى ألف مرة . وتزن البوصة المكعبة من مادته نصف طن . وتختلف فترة حياة النجم من مليون إلى 10 ملايين ملايين سنة، معتمدا في ذلك على حجمه الأصلي، ودرجة لمعانه . ومن المقدر أن عمر شمسنا سيكون نحو 10.000 مليون سنة، وبذلك فأمامها ما يربو على 5.000 مليون سنة، من قبل أن تبدأ التمدد والانفجار .
مجرتنا
تنتمي المجموعة الشمسية Solar system، ومعظم النجوم التي نستطيع رؤيتها بالعين المجردة إلى مجرتنا Glaxy التي تشبه عجلة مسطحة أو قرصا في مركزه نواة أو عقدة . ويبلغ من الكبر الحد الذي يجعلنا نقيس حجمه بالسنين الضوئية Light – years، بدلا من الأجيال ( يبلغ طول السنية الضوئية نحو 10 مليون مليون كيلو متر ) . وطول قطر القرص نحو 90.000 سنة ضوئية، وقطر نواة المجرة نحو 16.000 سنة ضوئية .
مجرتنا المعروفة بنظام درب التبانة
وتقع الشمس على بعد نحو ثلاثة أخماس الطريق ( أو 27.000 سنة ضوئية ) من المركز . ولا توزع النجوم داخل القرص توزيعا عشوائيا ولكنها تتجمع مع بعضها داخل أذرع حلزونية بحيث تظهر من فوق المجرة على هيئة عجلة كاترين Catherine عملاقة . وفي الحقيقة، تروح المجرة منبثقة حول المركز كأنها عجلة كاترين . وتدور الشمس بسرعة 140 ميلا في الثانية . وعلى الرغم من هذه السرعة المذهلة، فإنها تستغرق 200 مليون سنة لكي تتم دورة كاملة . ومعنى ذلك أنه منذ أن وجدت الشمس، أكملت نحو 20 دورة فقط .
وتضم المجرة زهاء 200.000 مليون نجم، لكل منها كتلة متوسطها نحو 2.000 مليون مليون مليون مليون طن . وعلى ذلك فإن المجرة عظيمة الثقل، إلا أنها مترامية الأطراف ـ بحيث نجدها في الواقع عبارة عن فضاء فارغ في الغالب . وإلى جانب النجوم، تحتوي المجرة على سحب ضخمة من الغبار والغاز، منها قد يتم تكاثف نجوم أخرى .
مجرة المرأة المسلسلة أقرب مجرة إلينا
ليست المسافات الكبيرة التي بين النجوم خالية تماما من المادة . وما من شك أن فضاء ما بين النجوم، يكاد يكون فراغا Vacuum تاما، إلا أنه مع ذلك يحتوي من الغاز والغبار، ما يكفي لبناء نجوم جديدة . وفي العادة، تكون مقادير هذه المواد في الفضاء ضئيلة، بحيث تتعذر ملاحظتها . ولكن يحدث من حين إلى آخر، أن يتكاثف الغاز والغبار داخل سحابة كبيرة يمكن رؤيتها، حتى بالمناظير الفلكية ذات التكبير الصغير . وتسمى تلك السحب الكثيفة باسم السدم المجرية Galactie Nebulae .
والنوعان الرئيسيان للسدم المجرية التي تتكون بطرق مختلفة هما : السدم المنتشرة Diffuse Nebulae، والسدم الكوكبية Planetary Nebulae .
والسدم المنتشرة قد تكون مظلمة أو لامعة . وتظهر الأنواع المظلمة على هيئة ثقوب سوداء أو عروق أو ممرات في مجال من النجوم . وهذه السدم تمتص الضوء النجمي، وتحول دون مروره ليصل إلى الأرض، وعلى هذا النحو فإن النجوم التي من ورائها لا يمكن أن ترى . وهذه السدم عظيمة الانتشار، وغير منتظمة وليس لها حواف أو حدود معينة واضعة . ومن الجائز أن تكون هائلة ضخمة . فمثلا سديم رأس الفرس The Horse's Head Nebula في كوكبة الجبار Orion، يبلغ طوله 10 ملايين ملايين ميل .
وعندما تكون إحدى هذه السحب قريبة من نجو من النجوم اللامعة، يعمل الضوء والحرارة المنبعثان من النجم، على إنارة السحابة الغازية، ويجعلانها لامعة، كما يلمع مصباح الطريق وسط الضباب . وتسمى مثل تلك السدم، السدم المنتشرة اللامعة . وبعض الضوء المقبل من السديم، يكون منعكسا أو مرتدا، بينما يكون بعضها الآخر منبعثا من الغاز المضيء . وليست هناك علاقة بين السدم الكوكبية والكواكب Planets، ولكنها سميت كذلك نظرا لأنها على غرار الكواكب السيارة، لها أشكال تامة المعالم، عندما نراها خلال المناظير الفلكية . وهذه السدم، تكون عادة على هيئة القطع الناقص Elliptical in Shape الذي يتوسطه في المركز نجم أزرق عظيم الحرارة . وتكون الغازات غلافا من حول النجم، ومن الجائز أنه قذف بها وسط انفجار جبار . والسدم المنتشرة اللامعة هي الأماكن الممكنة لميلاد النجوم، في حين أن السدم الكوكبية إنما تعين أماكن انتهاء النجوم وموتها .
المذنبات
إن أعجب أعضاء المجموعة الشمسية هي المذنبات Comets ومصدر هذا الاسم هو اللفظ اللاتيني ( ستلا كوماتي Stellae Comatae )، أو " النجوم ذات الشعور "، وهو وصف لائق . وفي المتوسط نستطيع أن نرى مذنبا واحدا بالعين المجردة كل سنة إلا أن معظم المذنبات توجد على أبعاد سحيقة، ولذلك فهي خافتة . وعندما يقترب مذنب كبير من الأرض، يصبح شيئا ملفتا للنظر إلى حد كبير فعندئذ نستطيع أن نتبين أنه يتكون من ثلاثة أجزاء : النواة Nucleus، والشوشة Coma، والذيل Tail .
وأول ما يرى من المذنب عندما يقترب من الشمس هو نواته، وهذه عبارة عن كرة وهاجة من مادة النيازك ـ حجارة أو حصى، وغبار وغاز . وعندما يدنو النجم مقتربا أكثر وأكثر من الشمس، تتكون كرة شاحبة من الضوء حول النواة، وتسمى الشوشة . وما أن يقترب المذنب تماما من الشمس، حتى يتكون له ذيل، يمتد منبثقا من الرأس ( النواة والشوشة ) . ويتجه الذيل دائما بعيدا عن الشمس، بسبب ضغط الإشعاع الشمسي Solar Radiation، والتدفق المستمر للجسيمات التي تخرج منبثقة من الشمس . وقد يكون اتساع رأس المذنب من 10.000 إلى 100.000 ميل، وقد يكون طول الذيل ملايين الأميال، ولكن على الرغم من حجمه الجبار، تكون كتلة المذنب صغيرة جدا . فعندما يمر مذنب بالقرب من أحد الكواكب، يتغير مسار المذنب تغيرا عظيما، بينما يظل مسار الكوكب على حاله بلا تغيير، ومعنى ذلك، أن كتلة المذنب أقل من جزء من مائة ألف جزء من كتلة الأرض . ويبلغ متوسط الكثافة للمذنب نحو نصف أوقية للميل المكعب ( يزن الميل المكعب من ماء البحر نحو 4.000 مليون طن ) . وفي عام 1910، مرت الأرض خلال ذيل مذنب هالى Halley's Comet، وكان من الصعب ملاحظة ذلك .
وتسبح معظم المذنبات حول الشمس في أفلاك على هيئة القطع الناقص، وما أن يتم رسم مسارها، حتى نستطيع أن نتنبأ بموعد أوبتها ومتى ظهرت من قبل . ولقد أمكن تتبع مذنب هالى إلى عام 240 قبل الميلاد وهو من بين المذنبات التي نعرفها جيدا، وسجلت جميع الحالات التي ظهر فيها باستثناء مرة واحدة . ومن المحتمل أن يكون هذا المذنب هو الذي سجله كل من الصينيين وأرسطو Aristotle عام 467 قبل الميلاد . ولقد شوهد أيضا عام 1066 م . وكذلك يبدو ظاهرا على سجادة باييه Bayeux Tapestry أيام غزو النورمانديين . ولقد شوهد آخر مرة عام 1910، وسوف يعود للظهور عام 1986 .
الشهب والنيازك
الشهب Meteors والنيازك Meteorites أتربة كونية ـ أي قطع من الصخر والمعدن، تهيم هنا وهناك في الفضاء الخارجي، وتقع في قبضة جذب الأرض . وأصغرها ـ الشهب أو النجوم المنقضة Shooting Stars ـ هي مجرد حبيبات من الأتربة والحجارة الصغيرة . وعندما تندفع منقضة في الجو، ومتحركة بسرعة بين 8 و45 ميلا في الثانية، تحترق، وهكذا تظهر خلال فترة صغيرة لامعة متوهجة أثناء احتراقها، ثم تروح متساقطة إلى سطح الأرض على هيئة غبار دقيق .
أما النيازك فهي أكبر بكثير وهي ترتطم بالأرض على هيئة كتل صلبة Solid Lumps، ويتكون بعضها أساسا من الحديد والنيكل، بينما يتكون أغلب بعضها الآخر من السليكا ( أو مادة الرمل )، وهناك ما هو خليط من النوعين، ومن الممكن أن تكون النيازك كبيرة جدا . ومن بين أثقلها مما نعرف ذلك الذي سقط في هوبا وست Hoba West بجنوب أفريقيا، حيث بلغت كتلته 60 طنا . ومن الممكن أن يدمر الارتطام المباشر لمثل هذا النيزك مدينة بأكملها ولو أن المساحة التي يسطحها النيزك ذاته تكون صغيرة، إلا أن معظم الدمار إنما ينجم عن موجهة الضغط والزلزلة التي تتبع الارتطام . ومن حسن الحظ، أن النيازك التي من هذا النوع نادرة جدا . ومصدر الشهب والنيازك غير معروف تماما، ولكن من المحتمل أن تكون بقايا أو مخلفات المذنبات التي تهشمت منذ أمد طويل .