من يدوس العسل ؟
وضع قائدان بحريان هدفاً بحرياً أمامهما و أصرَّا على البلوغ إليه . و لكنَّهما سوف يواجهان الخطر نفسه الذي قضى من قبل على طموح القادة السابقين . فمن أجل الوصول إلى ذلكَ الهدف , لا بدَّ أن تمرَّ السفينة على جزيرة تقطنها شيطانات البحر !! و فيها تعزف الشيطانات أنغاماً ساحرة تجذب كلَّ بحَّارة السفن الذين يسمعونها . و متى أصبحوا في متناول أيديهنَّ ينقضُّ القراصنة عليهم و يأخذون كلَّ ما معهم .
فكَّر القائد الأول في حيلة رائعة و نفّذها . إذ قام بسَدِّ آذان بحارته حتى لا يسمعوا تلكَ الأنغام الجذَّابة . فاستطاع بهذه الحيلة أن ينتصر على هذه العقبة و وصل بالفعل إلى الهدف .
أما القائد الثاني فقد لجأ إلى حيلة أذكى و أطرف , إذْ كان هو عازفاً ماهراً على القيثارة , فلمَّا لاحت جزيرة الشياطين أمام سفينته , بدأ يعزف على قيثارته أجمل الأنغام و أعذبها , فأسَرَت مسامع و مشاعر كل بحارته و كل كيانهم . و لمَّا اقتربوا من الجزيرة الخطرة لم تقدر أنغامها الشيطانية أن تؤثِّر عليها , لأنَّهم كانوا مُنجذبين لما هو أقوى و أحلى . حقاً ما أعظم الطريقة الثانية و ما أحكمها .
هاتان الطريقتان هما ضِمن طرق التربية و التعليم لأبنائنا . فيمكن أن نصمَّ لهم آذانهم عن أن يسمعوا شيئاً مخالفاً . لكن الطريقة الأحكم و الأجدر و الأكثر نفعاً هي أنْ نشغلهم بما هو أعظم و أفضل . فعندما تحاربهم الإغراءات القوية فإنَّ شبعهم الحقيقي بالمعرفة و الحق و الأخلاق هو الذي يحفظهم و يحميهم من تلك الإغراءات . و ألم يُقال ( النفس الشبعانة تدوس العسل ) .