كان الإنسان القديم يهتدي بشروق الشمس وموقعها من السماء نهارا للاستدلال على الجهات الأربع والمواقيت، وكان في الوقت نفسه يهتدي بالنجم ليلا ليستدل على الجهات الأربع في أثناء أسفاره في الصحاري أو البحار.
ففي نصف الكرة الشمالي تعرف الإنسان منذ القدم على نجم يقع فوق القطب الشمالي تقريباً، يبقى موقعه ثابتا وحركته الظاهرية الناتجة عن دوران الأرض حول محورها أو حول الشمس تكاد تكون معدومة، وهو نجم القطب الشمالي بولاريس Polaris، وللاستدلال على نجم القطب الشمالي استخدم برج الدب الأكبر من أجل ذلك، كما يوضح وهو تشكيلة جميلة من النجوم تقع قرب موقع بولاريس.
وبرج الدب الأكبر عبارة عن تشكيلة رائعة مكونة من سبعة أنجم تظهر في السماء الشمالية، وتُعرف أيضًا بالمغرفة، للشبه الكبير بينه وبين المغرفة في شكله، كما يدعى عند العرب بنات نعش أو المحراث. وهذه المجموعة النجمية تدور حول القطب الشمالي وكأنه مركز لها. والحقيقة أن نجم القطب هو مركز تدور حوله النجوم جميعها، إلاّ أن البعيدة منها عن القطب يظهر مسارها مستقيماً، بينما تظهر حركة النجوم القريبة دائرية تدور حول نجم القطب، الذي يبدو وكأنه مركز السماء ومن حوله تدور النجوم.
إن النجم الأول من يد المغرفة (ذيل الدب) يدعى القائد، والذي يليه يدعى العناق، وهو نجم ثنائي مكون من نجمين، ولقرب المسافة بينهما، فإنهما يُريان بالعين المجردة نجماً واحداً. وكان العرب القدماء يستعملون هذين النجمين اختباراً لقوة النظر، فالذي نظره قوى يراه اثنين. واسم النجمين الثنائيين الكور والمئزر، والخافت منهما هو الكور (أو السهى). ولا يستطيع أحد في الوقت الحاضر أن يرى السهى بالعين المجردة وربما كان ذلك بسبب أن المئزر خفت شدته والكور زادت شدته في أيامنا هذه، لذلك فإن المثل العربي القديم يقول: "أُريه السُّهى ويُريني القمر". ولكي نستدل على نجم القطب في تشكيلة الدب الأكبر، نراقب آخر نجمين فيها ويدعيان المؤشران، ونصل بينهما، ونمدهما على استقامتهما بقدر خمسة أضعاف لنصل إلى نجم واضح هو نجم القطب الشمالى أو بولاريس. فإذا عرفنا اتجاه الشمال يكون الجنوب خلفنا والشرق يميننا والغرب يسارنا، واستخدمه العرب المسلمون منذ القدم في تحديد القبلة، ويُرى الدب الأكبر في معظم فصول العام خاصة في فصل الربيع.
أمّا برج الدب الأصغر، فهو عبارة عن مجموعة خافتة مكونة من سبعة أنجم، أحدها هو نجم بولاريس، والنجوم الباقية خافتة نسبيا. وهي في تشكيلاتها تشبه تماما تشكيلة الدب الأكبر، وتدور حول نجم القطب دورة صغيرة كاملة، وترى في معظم أيام السنة. ويدعى النجمان الأخيران من مجموعة الدب الأصغر "الفرقدين"، وهما مشهوران عند عامة الناس.
أمّا نجم القطب الشمالي فيبعد عن الأرض بحوالي 400 سنة ضوئية، وقوة لمعانه الحقيقية تعادل قدر لمعان الشمس "1500" مرة. ويقع هذا النجم على امتداد محور الأرض جهة الشمال عبر الفضاء، ويظهر هذا النجم ثابتا لا يتحرك بينما تدور حوله جميع النجوم. ومن البروج التي تدور حول نجم القطب ويمكن بواسطتها الاستدلال عليه برج كاسيوبيا أو ذات الكرسي، وبرج التنين، وبرج فيفاوس
[left]