الفريد نوبل
مهندس وكيميائي سويدي ينسب اليه الفضل في اخترع الديناميت.
ولد ألفريد نوبل في أكتوبر 1833 في مدينة ستوكهولم، عاصمة السويد. كان أبوه "عمانوئيل نوبل" مهندسًا مدنيًّا مختصًا بإنشاء الطرق والكباري، كما كان مبتكرًا ومخترعًا، خاصة فيما يمس طرق تدمير الصخور.
كان ألفريد مصدر تعاسة لأسرته، فقد أفلس والده في نفس عام مولده، كما التهمت النار مسكن العائلة؛ وهو ما دفع الأب إلى السفر وحده إلى فنلندا عام 1837 بحثًا عن فرصة أفضل للحياة، ثم ارتحل سريعًا إلى "بطرسبرج" عاصمة روسيا القيصرية وأنشأ هناك ورشة ميكانيكية، وما لبث أن عقد صفقات مع الجيش الروسي.
وكان نجاح عمانوئيل الأساسي يتمثل في اختراع الألغام البحرية المستخدمة في الحروب، والتي استخدمها الجيش الروسي في إقامة شبكة من الألغام البحرية في مياه بحر البلطيق وحول مدينة بطرسبرج، وهو ما وفَّر الحماية للمدينة من البحر أثناء حرب القرم (عام 1853- 1856) بين روسيا من جهة وفرنسا وبريطانيا من جهة أخرى، ولم تستطع السفن الحربية البريطانية اختراق شبكة الألغام أو الاقتراب من المدينة. وتقديرًا لمجهوداته واختراعه حصل عمانوئيل على وسام الإمبراطور الذهبي من قيصر روسيا.
وبعد تحسن أحواله المادية أرسل عمانوئيل لعائلته عام 1842لتلحق به وقد أتاح له ذلك توفير فرصة تعلّم جيدة لابنه ألفريد وأخوته الثلاثة: روبرت، ولودفيج، وإميل، حيث وفر لهم المدرسين الأكفاء في علوم الطبيعة والكيمياء واللغات والآداب. فما أن بلغ ألفريد السابعة عشرة من عمره حتى أتقن خمس لغات وهي السويدية، والروسية، والفرنسية، والإنجليزية، والألمانية.
واتجه اهتمام ألفريد إلى الأدب، خاصة الأدب الإنجليزي، وتأليف الشعر، غير أن أباه لم يكن راضيًا عن اهتمام ابنه بالآداب وكان يريد إلحاقه بمشاريعه في الهندسة المدنية، فأرسله للخارج ليواصل تعليمه في علم الكيمياء، فزار ألفريد السويد وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وفي باريس وجد ألفريد نفسه منخرطًا في الكيمياء فالتحق بمعمل البروفيسور "بيلوز"، وتوجه اهتمامه نحو نفس اهتمامات والده في التفجير والديناميت؛ حيث زامل عالمًا شابًّا من علماء الكيمياء له نفس اهتماماته، وهو الإيطالي "أسانوي سوبر يرو" الذي توصَّل إلى تحضير سائل النيتروجليسرين شديد الانفجار.
وفي الولايات المتحدة التقى بالمخترع السويدي الأصل الأمريكي الجنسية "جوذا أريكسون".. وكان لهذه اللقاءات أثرها في أن يقتنع ألفريد بوجهة نظر أبيه في العمل في مجالي الطبيعة والكيمياء وتطبيقاتها في مجال المفرقعات.
وفي غضون عام 1862، ومع انتهاء حرب القرم وتوقف صفقات الجيش الروسي، تدهورت الأحوال المادية للأب فقرر العودة لأستوكهولم هو وولداه إميل وألفريد، في حين بقي روبرت ولودفيح في بطرسبرج.
وبالعودة لمدينة أستوكهولم حمل ألفريد في أمتعته مذكراته عن سائل النيتروجليسرين، وقام هو ووالده ببناء مصنع بالقرب من المدينة لتصنيع هذه المادة شديدة الانفجار، وقام بتصنيع نحو 140 كيلو جرامًا من هذه المادة، لكن المصنع انفجر عام 1864، وتسبب الانفجار في مقتل الأخ الأصغر لألفريد (إميل)، وأربعة من الكيميائيين والعمال.
وقد ترك هذا الحادث اثرا عميقا في نفسه، ففكر في كيفية استئناس هذه المادة شديدة الانفجار واخضاعها لرغبات الإنسان، ونجح بالفعل عام 1866 في اختراع الديناميت، وحصل على براءة اختراعه فتهافتت على شرائه شركات البناء والمناجم والقوات المسلحة، وانتشر استخدام الديناميت في جميع أنحاء العالم، وقام ألفريد بإنشاء عشرات المصانع والمعامل في عشرين دولة، وجنى من وراء ذلك ثروة كبيرة جدًّا حتى أصبح من أغنى أغنياء العالم، وأُطلق عليه لقب "ملك المفرقعات" و"صانع الموت".
زعم ألفريد بأنه بهذا الاختراع قد عمل على إسعاد البشرية من خلال استخدام الديناميت في حفر المناجم واستخراج الخيرات والثروات الطبيعية من باطن الأرض، إلى جانب حفر الأنفاق وشق القنوات والطرق لتسهيل التجارة والاتصالات بين البشر، وتعلل بأن الشر الكامن في النفس البشرية هو الذي أدى لاستخدام الديناميت كوسيلة مدمرة من وسائل الحروب.
قرر ألفريد في أواخر حياته أن يهب بعض ثروته لكل من يُسهم في إسعاد ورخاء البشر وتقديمها عبر جائزة حملت أسمه.
توفى ألفريد نوبل في العاشر من ديسمبر سنة 1896 في مدينة "سان ريمو" الإيطالية وحيداً، حيث أنه لم يتزوج، وقد خلف وراءه ثروة طائلة قُدرت بحوالي 30 مليون كورونا سويدية (150مليون دولار)، ووصى باستثمار الجانب الأكبر من ثروته في مشروعات ربحية يتم من ريعها منح خمس جوائز سنوية لأكثر من أفاد البشرية في مجالات حددها وهي مجال الكيمياء، والفيزياء، والطب أو الفيسيولوجيا، والأدب، والسلام العالمي.
وأوصى بأن تقوم الأكاديمية السويدية للعلوم باختيار الفائز في مجال الكيمياء والفيزياء (الطبيعة)، وأن يقوم معهد كارولينسكا بأستوكهولم باختيار الفائز في مجال الطب والفسيولوجيا، ويقوم البرلمان النرويجي بانتخاب خمسة أشخاص ليختاروا الفائز بجائزة السلام العالمي، وقد أوصى نوبل برغبته في أن يكون الاختيار للجوائز نزيهًا، وأن تُمنَح الجوائز لمن هو أكثر استحقاقًا بها بغض النظر عن جنسية المرشح؛ سواء كان سويديًا أو لم يكن.
بدأ تقديم جوائز نوبل لأول مرة عام 1901 في يوم ذكرى وفاة ألفريد نوبل، حسب الوصية التي تركها.