عندما أكون في الشارع أو في السوق أو في مكان العمل أو في مطعم أو......... أسمع الكلام الرديء يملئ هذه المناطق وللأسف بشكل كبير،ليس هذه الظاهرة موجودة فقط عند المراهقين بل للأسف نجدها عند الأطفال والجامعيين والشيوخ وعند النساء والرجال.
اليوم أريد أن أحدثكم عن هذا الموضوع من وجهة نظر علم النفس ومن وجهة نظر المسيحية .
بداية سوف اذكر رأي علم النفس بأهم الأسباب المؤدية إلى الكلام السيئ
1- القدوة السيئة :فالشاب حينما يسمع من ابويه كلمات الفحش و السباب, و الفاظ الشتيمة فانه -لا شك - سيحاكي كلماتها و يتعود ترداد الفاظها فلا يصدر منه في النهاية الا كلام فاحش و لا يتلفظ الا بمنكر القول وزوره.
2- لفت الانتباه :يستخدم بعض الشباب (الكلمات الرديئة) من اجل لفت الانتباه , فهي طريقة يمكنك من خلالها التأكد من انهم يلاحظونك.
3- التفريغ الانفعالي :يميل الناس الى الشتم بطريقة قهرية عندما يشعرون بالاحباط أو الغضب , ففي ذلك تحرر من التوتر الجسدي.
4- التحدي :تمثل اللغة السيئة بالنسبة للبعض طريقة للتحدي , فقد يكونون من بيئة اسرية تحرم استخدام الشتائم بشدة , و بالتالي فان المتمرد منهم يريد ان يؤكد استقلاليته.
5- تقبل الرفاق :يستخدم بعض الشباب اللغة البذيئة اثناء تجوالهم مع اصدقائهم كي يحظوا بالتقبل و الاستحسان فهم يشعرون ان الشتم يعزز صورة الشخص الصلب الخشن .
6- الخلطة الفاسدة :
الشاب الذي يلقى للشارع , و يترك لقرناء السوء , و رفقاء الفساد فمن البديهي ان يتلقن من لغة اللعن و السباب و الشتيمة........و من الطبيعي ان يكتسب منهم أحط الالفاظ و اقبح العادات و الاخلاق , و ينشأ على اسوأ ما يكون من التربية الفاسدة .
أما الرأي المسيحي في الكلام السيئ فهورفض الكلام الرديء والتكلُّم بالصالح:
«لا تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحاً لِلْبُنْيَانِ، حَسَبَ ٱلْحَاجَةِ، كَيْ يُعْطِيَ نِعْمَةً لِلسَّامِعِينَ. وَلا تُحْزِنُوا رُوحَ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُّوسَ ٱلَّذِي بِهِ خُتِمْتُمْ لِيَوْمِ ٱلْفِدَاءِ»(آيتا ٢٩ و٣٠).
الكلام الرديء يخرج من القلب الشرير، وكل كلمة بطالة يتكلم بها الناس سوف يعطون عنها حساباً يوم الدين (متى ١٢: ٣٥ و٣٦). وهو الكلام المرّ الذي يضايق من يسمعه (مزمور ٦٤: ٣) والذي يجيء من التواء الفم وانحراف الشفتين (أمثال ٤: ٢٤).
والكلمة «رديء» في الأصل اليوناني معناها «عطن، وبالٍ، وغير صالح للاستعمال، ولا يستحق». لذلك يصلي المرنم: «ٱجْعَلْ يَا رَبُّ حَارِساً لِفَمِي. ٱحْفَظْ بَابَ شَفَتَيَّ» (مزمور ١٤١: ٣).
والمطلوب أن يكون كلامنا «صالحاً للبنيان». كان كلام أيوب صالحاً للبنيان، فقال له صديقه أليفاز التيماني: «قَدْ أَقَامَ كَلامُكَ ٱلْعَاثِرَ وَثَبَّتَّ ٱلرُّكَبَ ٱلْمُرْتَعِشَة» (أيوب ٤: ٤). فليكن كلامنا صالحاً حتى يبني شخصية الذي يسمعه، وينعش الروح والعقل والجسد، فيصير السامع أفضل حالاً بعد أن يسمعه.
ويجب أن يكون كلامنا «حسب الحاجة» يناسب الظرف والحال، يتم فيه القول: «تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي مَحَلِّهَا» (أمثال ٢٥: ١١).
ويجب أن «يعطي نعمة للسامعين». والنعمة هي الجمال. فليكن كلامنا صالحاً يبهج السامعين ويجمِّل حياتهم، عندما تنسكب النعمة على شفتي المتكلِّم (مزمور ٤٥: ٢) فيقدر أن يطيع الوصية الرسولية: «لِيَكُنْ كَلامُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحاً بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ» (كولوسي ٤: ٦).
هل يجد السامعون نعمةً في كلامنا معهم وفي استماعنا إليهم؟ وهل يجدون في ما نقوله التشجيع والتعزية؟
أما الدافع على ترك الكلام الرديء وقول الكلام الصالح، فهو لكي «لا تحزِنوا روح الله القدوس». ويعلِّمنا الكتاب المقدس أن لا نقاوم الروح (أعمال ٧: ٥١). وأن لا نطفئه (١تسالونيكي ٥: ١٩) وهنا يطلب منا أن لا نحزنه، وفي هذا تحذير حتى لا نتمرَّد ونُحزن روح قدسه (إشعياء ٦٣: ١٠) كما أحزنه بنو إسرائيل في البرية بعصيانهم وعدم إيمانهم (مزمور ٧٨: ٢٠). يجب ألاّ نحزنه بكلامٍ رديء، بل نقدم له السجود والإكرام بالكلام الصالح البنَّاء الذي يعطي نعمة للسامعين.
«أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ ٱللّٰهِ، وَرُوحُ ٱللّٰهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ فَسَيُفْسِدُهُ ٱللّٰهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ ٱللّٰهِ مُقَدَّسٌ ٱلَّذِي أَنْتُمْ هُوَ»
أتمنى من الجميع إلغاء الكلمات السيئة والرديئة مهما كانت ظروفهم .
وشكراً