البابا بنديكتوس السادس عشر
بندكت السادس عشر أو البابا بندكتوس السادس عشر (بالاتينية: Benedictus PP. XVI وبالإيطالية:Benedetto XVI وبالألمانية: Benedikt XVI)، ولد باسم جوزيف راتزنغر وهو البابا الخامس والستون بعد المئتان في الكنيسة الكاثوليكية وهو أيضًا البابا الحالي ورأس الكنيسة الكاثوليكية وأسقف روما ورأس دولة الفاتيكان؛ انتخب لمنصب البابا بعد خلوة انتخابية قصيرة في 19 أبريل 2005، وأقام القداس الإلهي لتنصيبه في 24 أبريل وتسلم مقاليد السلطة وفق تقليد الكنيسة الكاثوليكية في 7 مايو في كاتدرائية القديس يوحنا اللاتراني في روما. ويتمتع بالجنسية الألمانية وكذلك جنسية دولة الفاتيكان وحقوق المواطنة في ولاية بافاريا. كان خليفة البابا يوحنا بولس الثاني.
درس الفلسفة واللاهوت، وأصبح محاضرًا في عدة جامعات ألمانية بشكل أساسي في جامعة ريجينسبرغ، وسيم كاهنًا عام 1951، ثم أصبح خلال حبرية البابا بولس السادس رئيس أساقفة ميونخ ثم كاردينالاً عام 1977؛ لاحقًا في العام 1981 انتقل إلى روما حيث أصبح رئيس مجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان، والذي يعتبر من أهم المؤسسات في الكنيسة الكاثوليكية، وظلّ كرئيسه حتى انتخابه بابا عام 2005. وكان عمدة مجمع الكرادلة خلال انتخابات العام 2005 والمرشح الأول لشغل لمنصب
كسابقه البابا يوحنا بولس الثاني، يعتبر البابا بندكت السادس عشر من المحافظين في الكنيسة الكاثوليكية في تعليمه اللاهوتي والاجتماعي، وقد كتب قبل أنتخابه بابا، عددًا كبيرًا من المؤلفات في شرح العقائد الكاثوليكية والقيم المسيحية، ويرى البابا أن الابتعاد عن الله وفقدان المبادئ الأخلاقية المشكلة الأساسية في القرن الحادي والعشرين
يدير البابا أيضًا، مؤسسة راتزنجر الخيرية، التي تقوم بتحويل عوائد بيع كتبه ومؤلفاته إلى صناديق دعم الثقافة خصوصًا لطلاب الجامعات
بندكت السادس عشر انتخب لمنصب البابوية عن عمر 78 عامًا وبالتالي يكون البابا الأكبر سنًا منذ البابا كلمنت الثاني عشر عام 1730؛ وهو أيضًا من أطول الكرادلة في منصبهم بعد البابا بندكت الثالث عشر عام 1724؛ وهو البابا الألماني التاسع، وكان آخر بابا ألماني قبله هو أدريان السادس سنة 1522؛ أما آخر بابا سبقه تسمى باسم بندكت هو بندكت الخامس عشر، الذي انتخب خلال الحرب العالمية الأولى عام 1914
ولد البابا في ماركتل، بافاريا، ألمانيا في 16 أبريل 1927 ودرس اللاهوت والفلسفة عام 1947 وأصبح كاهنًا عام 1951، إلى جانب كونه محاضرًا في اللاهوت في عدد من الجامعات الأوروبية ونشر عدة مؤلفات حول اللاهوت والعقائد المسيحية والكاثوليكية؛ خلال حبرية البابا بولس السادس (1963 إلى 1978) أصبح رئيس أساقفة ميونخ ثم كاردينالاً في 27 يونيو 1977؛ وبعدها بأربع سنوات عينه البابا يوحنا بولس الثاني رئيسًا لمجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان، وظل محتفظًا بمنصبه حتى انتخابه بابا؛ عيّن في 5 أبريل 1993 أسقفًا فخريًا على مدينة فليتري الإيطالية؛ وانتخب في العام 1998 كنائب عميد مجمع الكرادلة المولج مهمة انتخاب البابا عند شغور المنصب، وانتخب في 30 نوفمبر 2002 كعميدًا لمجمع الكرادلة.
حتى قبل أنتخابه كبابا، اعتبر بندكت السادس عشر من الشخصيات المؤثرة في الفاتيكان خصوصًا بسبب علاقته المقربة من البابا يوحنا بولس الثاني، وقد ترأس القداس الإلهي خلال جنازته عام 2005.
بالإضافة إلى اللغة الألمانية، يتقن البابا بندكت السادس عشر اللغة الإيطالية والفرنسية وبدرجة أقل الإسبانية والإنجليزية والبرتغالية واللاتينية إلى جانب اطلاعه على اللغة اليونانية واللغة العبرية وهو عضو في عدد كبير من الأكاديميات العلمية خصوصًا في فرنسا، والمواد العلمية المفضلة عنده هي العلوم الإنسانية، ويجيد العزف على البيانو ويفضل بنوع خاص مقطوعات موزارت وباخ
ولد جوزيف راتزنجر في 16 أبريل 1927 وعمّد وفق معتقدات الكنيسة الكاثوليكية في اليوم نفسه، وهو ثالث وأصغر أنجال جوزيف راتزنجر الذي يعمل في سلك الشرطة وماريا راتزنجر. شقيق البابا الأكبر هو كاهن وعمل كقائدًا لجوقة جامعة ريجينسبورغ وشقيقته لم تتزوج أبدًا وعملت كمديرة لبيت البابا أثناء شغله منصب كاردينال حتى وفاتها عام 1991. عم البابا هو جورج راتزنجر أحد الساسة الألمان المشهورين.
تلقى البابا دراسته الابتدائية في مدرسة “آسشاوا آم إن” التي أعيد تسميتها باسمه في عام 2009 تشريفًا.
عندما بلغ الرابعة عشر من عمره عام 1941، انضم جوزيف راتزنجر إلى جيش “شباب هتلر” عنوة، وهو جيش غير نظامي أنشأه النظام النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية وفرض بالقانون على كل ألماني أن ينتسب إليه عندما يبلغ الرابعة عشر من عمره، لكنه كان عضوًا غير متحمس وكان يرفض حضور الاجتماعات، يعود هذا بشكل أساسي لأن والد البابا كان يقف ضد النظام النازي ويعتقد أنه يتضارب والعقائد الكاثوليكية. وقد شهد العام 1941 مقتل ابن عم البابا، لأصابته بالمنغولية خلال الحملة التي قام بها النظام النازي بهدف تحسين النسل في ألمانيا.
التحق البابا بجيش المشاة الألماني عام 1943 لفترة قصيرة ثم عاد إلى منزل ذويه بسبب مرضه، إثر نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ألقي القبض عليه كمحارب سابق لكن سرعان ما أطلق سراحه، وفي العام ذاته التحق بكلية القديس مايكل في جامعة لودفيج ماكسميليان في ميونخ حيث درس اللاهوت والفلسفة وتخرج منها عام 1951 ثم نال شهادة الدكتوراة من الجامعة نفسها بعد أطروحة أعدها عن الفكر اللاهوتي للقديس أغسطين. ثم أصبح عام 1958 محاضرًا في اللاهوت والفلسفة في كلية فريسنغ
عمله الأكاديمي 1951-1977
أصبح البابا محاضرًا في جامعة بون عام 1959 وكانت محاضرته الأولى بعنوان “الله في الإيمان والله في الفلسفة”، انتقل البابا إلى جامعة مونستر عام 1963، وشارك في أعمال المجمع الفاتيكاني الثاني (1962 إلى 1965)، حيث شارك بصفة مستشار لاهوتي للكاردينال فرينغز من كولونيا، وناصر البابا في المجمع خطة الإصلاح العام للكنيسة.
في العام 1966 إلى جامعة تبيجين، وشغل منصب عميد قسم اللاهوت الدوغمائي، ورسخ في حينها فكره الإصلاحي فأكد على التقليل من أهمية الاعتماد على السلطة المركزية في الكنيسة ومنح سلطة أوسع للأبرشيات؛ ساهم البابا بشكل خاص في المجمع الفاتيكاني الثاني لإصدار وثيقة في عصرنا التي تدعو إلى الاحترام المتبادل والحوار مع جميع الديانات خصوصًا اليهودية والإسلامية، ويعتبر البابا منذ ذلك الحين منافحًا قويًا عن حق الحرية الدينية، وخلال عمله اللاحق كرئيس لمجمع العقيدة والإيمان ساهم في صياغة الإرشاد الرسولي Dominus Iesus الذي صدر العام 2000 خلال حبرية البابا يوحنا بولس الثاني والذي شرح من خلالها الإيمان الكاثوليكي ونقاط التقارب مع مختلف العقائد والأديان في العالم، كأساس للحوار.
خلال تواجده في جامعة تبجين كان البابا ينشر مقالات أسبوعية في مجلات لاهوتية ألمانية، وقد اتسمت هذه المقالات بالتأكيد على أهمية الانفتاح والحوار والحرية الدينية، كما أيدت مقالاته المجمع الفاتيكاني الثاني ومقرراته؛ في العام 1969 عاد البابا إلى بافاريا وعمل محاضرًا في جامعة ريجينسبرغ وساهم في تأسيس المجلة اللاهوتية الخاصة بالجامعة، التي باتت عام 1972 تطبع بسبعة عشر لغة ووظفت بأنها: محطة بارزة في الفكر اللاهوتي الكاثوليكي المعاصر. وحتى انتخابه كبابا، ظل يساهم في الكتابة بهذه المجلة.
رئيس أساقفة ميونخ 1977-1981
في 24 مارس 1977 عيّن من قبل البابا بولس السادس كرئيس أساقفة ميونخ، وقد اتخذ من عبارة Cooperatores Veritatis (بالعربية: عمال الحقيقة) شعارًا له؛ لاحقًا في 7 يونيو 1977 عينه البابا بولس السادس أيضًا كاردينالاً وهو عبارة عن منصب فخري تشريفي، يستطيع من خلاله حامله الترشح لشغل منصب البابا والمشاركة في الخلوة الانتخابية التي تعقد لانتخاب البابا الجديد. في العام 2005 كان الكاردينال راتزنجر واحدًا من 14 كاردينال فقط لا زالوا على قيد الحياة عينهم البابا بولس السادس وواحد من ثلاثة فقط كان عمرهم تحت الثمانين، وهو الحد الأعلى الذي يتمكن من خلاله الكاردينال الترشح والتصويت في الخلوة الانتخابية
رئيس مجمع العقيدة والإيمان 1981-2005
في 25 نوفمبر 1981، عين البابا يوحنا بولس الثاني راتزينجر رئيسًا لمجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان؛ وبناءً على ذلك، استقال من منصبه في ميونيخ بداية عام 1982، ليتفرغ لعمله الجديد. عينه البابا يوحنا بولس الثاني أسقفًا كاردينالاً على سيغني عام 1993، ثم انتخب عام 1998 كنائب لعميد مجمع الكرادلة المولج انتخاب البابا لدى شغور المنصب، وأصبح عميد المجمع المذكور سنة 2002.
خلال عمله كرئيس لمجمع العقيدة والإيمان، حافظ الكاردينال راتزنجر من نظرة الكنيسة الكاثوليكية الصارمة حيال، المثلية الجنسية وتحديد النسل وشدد على أهمية الحوار بين الأديان، والابتعاد عن اللامبالاة الدينية، ولقب بالمدافع الشديد عن المذهب الكاثوليكي.
يشتهر مجمع العقيدة والإيمان أيضًا بدوره في تحديد مسائل التعليم في الجامعات والمدارس الكاثوليكية حول العالم، وأيضًا في صلاحيتها النظر في الحالات التي تنطوي على سوء سلوك طائفي أو جنسي، والكاردينال راتزنجر كرئيس للمجمع المذكور، كان مسؤولاً أيضًا عن توجيه الحرم الكنسي بعد محاكمة أمام المجمع؛ بصفته رئيس مجمع العقيدة الإيمان، أصدر الكاردينال راتزينجر عام 2001 منشور delictis gravioribus الذي أصبح بموجبه محاكمات المجمع للمتورطين في القضايا التي ينظر فيها سرية الطابع، لا يمكن الاطلاع عليها دون إذن بابوي، الأمر الذي أخذ عليه كمحاولة للتغطية على الكهنة المتورطين في قضايا تحرش جنسي.
في عام 1997، طلب راتزينجر عندما بلغ السبعين من عمره، من البابا يوحنا بولس الثاني التقاعد المبكر والاستقالة من منصبه كرئيس لمجمع العقيدة الإيمان، وطلب أيضًا تعيينه كقيم على أرشيف الفاتيكان ومكتبة الفاتيكان، غير أن البابا رفض طلبه هذا
يوم 2 يناير 2005، نقلت مجلة التايم من مصادر داخل الفاتيكان أن راتزينجر هو أحد المرشحين لخلافة البابا يوحنا بولس الثاني في حال وفاته أو تدهور حالته الصحية بحيث لا يستطيع متابعة مهامه في قيادة الكرسي الرسولي؛ بعد وفاة البابا يوحنا بولس الثاني اعتبرت صحيفة فاينانشال تايمز أن راتزنجر يملك حظوظ بنسبة 1-7، وكانت مجلة التايم قد صنفت راتزنجر كواحد من بين الشخصيات المئة الأكثر تأثيرًا في العالم، من خلال دوره كرئيس مجمع العقيدة والإيمان ولصلاته القوية بالبابا السابق؛ قبل أنتخابه كبابا في أبريل 2005 جدد راتزنجر رغبته في التقاعد والعودة إلى منزله في بافاريا وأعلن أيضًا أنه يود التفرغ لتأليف الكتب.
كتب بول بيرس مقالة في صحيفة ذا سبيكتيتور (بالإنجليزية: The Spectator) بتاريخ 5 مارس 2005 :
شجاعته في الدفاع عن التعاليم الكاثوليكية المستقيمة، قد أكسبته احترام زملائه الكرادلة في جميع أنحاء العالم. هو حقًا صاحب قداسة وواضح وذكي جدًا ويرى بوضوح ما هو على المحك. البعض يرى أن تراجع الممارسة الكاثوليكية في العالم المتقدم على وجه التحديد يعود بسبب نزوع أساقفة أوروبا لإخفاء رؤوسهم في الرمال، والبابا الذي يواجه قد يكون مجرد ما هو مطلوب. راتزنجر ليس شابًا هو في الثامنة والسبعين من عمره، ولكن أنجيلو رونكالي الذي أحدث ثورة في الكنيسة الكاثوليكية عن طريق دعوته لعقد المجمع الفاتيكاني الثاني كان تقريبًا في نفس العمر عندما أصبح البابا يوحنا الثالث والعشرون. وكما قال جيف إيرسلي، مراسل مجلة التايم من قبل المطلعين على بواطن الأمور في الفاتيكان الشهر الماضي بأن: الحل هو بالتأكيد على راتزنجر.
رغم ذلك فلم يكن هناك إجماع من قبل المحللين والإعلاميين على شخصه؛ خصوصًا أنه نادرًا ما تصيب التحاليل الخاصة بانتخاب البابا في الفاتيكان، فلم يكن من المتوقع أبدًا أن يصل يوحنا بولس الأول ويوحنا بولس الثاني حسب التحليلات إلى منصب البابا.
بموجب القوانين المعمول بها في الفاتيكان، تلتئم الخلوة الانتخابية بعد خمس عشر يومًا من وفاة البابا لانتخاب خلف له؛ اجتمعت الخلوة للمرة الأولى مساء 17 أبريل 2005، بعد يومين فقط وهو ما يعتبر في المعايير الفاتيكانية خلوة قصيرة، في 19 أبريل 2005، الساعة السابعة مساءً انتخب الكاردينال راتزنجر خلفًا للبابا يوحنا بولس الثاني بعد أربع جولات من الاقتراع، وقد انتخب البابا بأغلبية ثلثي الأعضاء. وصرح أنه كان يود حتى تلك الساعة التقاعد: "في لحظة معينة، صليت إلى الله من فضلك لا تفعل هذا لي... من الواضح، أنه في هذه المرة لم يستمع لي."[17] ومن قبيل الصدفة، أن 19 أبريل في تقويم الكنيسة الكاثوليكية هو عيد القديس ليون التاسع، والذي يعتبر أهم بابا ألماني في العصور الوسطى، والذي قام بعدد كبير من الإصلاحات خلال بابويته.
قبيل أول ظهور له من شرفة كاتدرائية القديس بطرس بعد أن أصبح البابا،[19][20] أعلن جورج استيفيس، الكاردينال المسؤول عن الاحتفالات والتشريفات في الفاتيكان عن انتخاب “الحبر الأعظم”، وحيّا الحشود في ساحة القديس بطرس باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والألمانية قبل الشروع وفق تقليد الكنيسة الكاثوليكية باللغة اللاتينية بقراءة مرسوم انتخاب البابا المعروف تقليديًا باسم Papam Habemus والتي تعني في اللغة العربية: أصبح لدينا بابا.[21]
بعيد ذلك، أطل البابا بندكت السادس عشر على الحشد، وخاطب المحتشدين باللغة الإيطالية ثم تلا صلاة مباركة المدينة باللاتينية وفق تقليد الكنيسة الكاثوليكية؛ أولى كلماته كبابا كانت :
أيها الأخوة والأخوات، بعد البابا الكبير يوحنا بولس الثاني، انتخبني الكرادلة، أنا العامل البسيط المتواضع في كرم الرب. قبل كل شيء أنا أطلب صلواتكم لمساعدتي في فرح الرب القائم من الموت، وأنا واثق من أنه سيقوم بمساعدتي، دعونا نمضي قدمًا. وسوف يساعدنا الرب، ومريم والدة الإله، ستكون معنا أيضًا. شكرًا لكم.
قام البابا بقداس التنصيب حسب التقليد في 24 أبريل حيث وضع التاج وخاتم الصياد ثم تسلّم مهامه كأسقف روما في 7 مايو.
بحسب عادة البابوات السابقين بتغيير أسمائهم لدى انتخابهم؛ قام راتزنجر باختيار اسم بندكت كاسم البابوي، تأتي جذور الكلمة من اللغة اللاتينية وهي تعني في اللغة العربية: مبارك أو المبارك. بحسب تصريح البابا فهو قد اختار هذا الاسم على شرف البابا بندكت الخامس عشر، وكذلك القديس بندكت النيرسي. بندكت الخامس عشر كان البابا خلال الحرب العالمية الاولى وسعى إلى إنهاء الحرب والتأليف بين الأمم المتحاربة، أما القديس بندكت فهو مؤسس الرهبنة البندكتية وهي واحدة من أقدم الرهبنات في أوروبا ومعظم الأديرة في العصور الوسطى كانت تابعة لها، ولا تزال مؤلفات القديس بندكت النيرسي تشكل تأثيرًا كبيرًا في الحياة الرهبانية المسيحية الغربية.
خلال لقائه مع الحشود في ساحة القديس بطرس يوم 27 أبريل 2005؛ أوضح البابا سبب اختيار اسم بندكت :
مملوءًا بمشاعر الرهبة والشكر، أود أن أتكلم عن سبب اختياري اسم بنيدكتوس السادس عشر. أولاً، أتذكر البابا بندكت الخامس عشر، رسول السلام الشجاع الذي قاد الكنيسة في أوقات مضطربة كانت تعصف في العالم. وعلى خطاه أضع خدمتي في سبيل المصالحة والوئام بين الشعوب. بالإضافة إلى ذلك، أذكر القديس بندكت النيرسي، الراعي في أوروبا، والذي يؤكد على الجذور المسيحية لهذه القارة. أطلب منه أن يوفقنا جميعًا لفهم مركزية دور المسيح في حياتنا المسيحية
درع البابوية
صمم درع البابوية الخاص بالبابا بندكت السادس عشر رئيس الأساقفة أندريا كورديرو لانزا دي مونتيزيمولو، الذي أصبح في وقت لاحق كاردينال؛ يشير التاج الأسقفي إلى سلطة البابا الروحية في الكنيسة الكاثوليكية، بينما يشير المفتاحان المتصالبان الفضي والذهبي إلى الاعتقاد الكاثوليكي بكون البابا هو خليفة بطرس الرسول الذي قلده يسوع مفاتيح الأرض والسماء استنادًا إلى ما ورد في إنجيل متى 16/ 18-20.
الدرع بشكل أساسي يتكون من ثلاث رموز، الصدفة والدب الذي يحمل صندوقًا ورأس الملك مور. الصدفة هي أحد الرموز المستخدمة في الكنيسة للإشارة إلى القديس أوغسطين ومن المعروف أن أطروحة البابا لنيل درجة الدكتوراه عندما كان قسًا كانت حول الفكر اللاهوتي القديس أوغسطين، وبالتالي فهي تشير إلى العلاقة الفكرية بين البابا والقديس أوغسطين. رأس الملك مور هو أحد الملوك الأسطوريين الذي يرتبط عمومًا بمدينة فريزنغ قرب ميونخ في ألمانيا حيث شغل البابا منصب رئيس أساقفة، أما الدب فهو يشير إلى أسطورة شعبية أيضًا تشير إلى أن القديس كوربينان خلال سفره من روما إلى مسقط رأسه بافاريا وهي مسقط رأس البابا أيضًا، قتل أحد الوثنين حصانه عن طريق دب، لكن القديس كوربينان استطاع التغلب على مهاجمه ومن ثم أمر أن تنقل أمتعته على ظهر الدب حتى بافاريا، ولاحقًا عند وصوله إلى بافاريا أطلق القديس كوربينان الرجل من خدمته، وهذه القصة هي مجرد رمز يشير إلى: المسيحية التي قامت بتدجين الوثنية الوحشية، ووضعت بالتالي أسس لحضارة عظيمة في دوقية بافاريا. في الوقت نفسه يشير الصندوق المحزوم على ظهر الدب إلى المسؤولية الضخمة الملقاة على عاتق البابا. أما اللون الأحمر عمومًا فهو إشارة إلى النبالة في أوروبافي 9 مايو 2005 افتتح البابا رسميًا ملف دعوى تطويب سلفه يوحنا بولس الثاني، رغم أن القانون الكنسي يفرض مرور خمس سنوات على وفاة الشخص لفتح دعوى تطويبه، إلا أن مسؤول مجمع شؤون القديسين في الفاتيكان أشار إلى أنه يمكن في الظروف الاستثنائية تجاوز تلك المدة بموافقة البابا،واستشهد بحادثة بولس السادس الذي فتح دعوى تطويب سلفه يوحنا الثالث والعشرون قبل أنقضاء فترة خمس سنوات وفق القانون الكنسي. وقد أعلن رسميًا بدء العمل في الدعوى في 13 مايو وهي الذكرى الرابعة والعشرين لتعرض البابا السابق لمحاولة اغتيال.
في 14 مايو 2005 بدأ البابا سلسلة تطويب قديسين جدد حسب معتقدات الكنيسة الكاثوليكية وخلال السنوات الخمسة الأولى من حبريته، أعلن البابا عددًا كبيرًا من الطوباويين والقديسين كما أعلن أسماء العديد من المكرمين في الكنيسة الكاثوليكية، منهم اسطفان نعمة وهو راهب لبناني ماروني، ومن ثم غايتانو أريكو وماريا برناردا بوتلر وألفونسا للحبل بلا دنس، ونرشيسا ليسوع مارتيلو موران وغيرهم.غير أن أبرز الشخصيات التي قام بتطويبها هو الكاردينال الإنجليزي جون هنري نيومان، خلال الزيارة التي قام بها إلى المملكة المتحدة والتي وصفت بكونها زيارة تاريخية، وسلفه البابا بيوس الثاني عشر بعد تريث طويل من قبل الفاتيكان بسبب اعتراض إسرائيل واتهامها لبيوس الثاني عشر بالتواطئ مع النظام النازي في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية؛ الأمر الذي بدا للكنيسة الكاثوليكية والكرسي الرسولي خاطئًا بعد الاستفاضة في دراسة الملف.[34] كذلك فمن الشخصيات الهامة التي طوبها البابا القديسة ماري ماكليوب، وهي تعتبر أول قديسة كاثوليكية من أستراليا وقد وصف الحدث في بلدها بالتاريخي.
يذكر أن البابا قد عدل القانون الكنسي بأن التطويب يتم في الفاتيكان وبحضور البابا شخصيًا، واستعاض عن ذلك بإمكانية حصول التطويب في بلد المطوب والاكتفاء بحضور كاردينال ممثل للبابا، وقد أصدر البابا هذا التعديل في 29 سبتمبر 2005
ردود الفعل على انتخابه
مجلس مسلمي بريطانيا
فقد قال رئيس أساقفة نيجيريا، جون أوناييكون، لبي بي سي إن آراء البابا الجديد المحافظة بشأن الإجهاض وموانع الحمل والجنسية المثلية، مدعومة بقوة من جانب الكاثوليك في أفريقيا. غير أن اللاهوتي الألماني المنشق، هانز كونج، قال إن انتخاب راتسينجر مثل "إحباطا هائلا" لمن كانوا يأملون في بابا إصلاحي
أما دوليًا فقد رحب بطاركة ورؤساء الطوائف المسيحية الأخرى بانتخاب البابا؛[25] وكذلك فعل قادة أغلب الدول الإسلامية؛[26] وبشكل عام فإن أغلب دول العالم قد رحبت بانتخاب البابا بما فيها الدول التي تتميز بعلاقات شائكة مع الفاتيكان كالصين الاعتراض الرئيسي جاء من الصحف والمنظمات الليبرالية المناهضة لسياسة البابا المحافظة
خلال قداس تنصيبه، استعاض البابا عن التقليد السابق في الكنيسة الكاثوليكية، الذي يشترط تقديم كاردينال يمين الطاعة للبابا، من خلال وجود اثني عشر شخصًا، بما في ذلك رجال دين ليسوا كرادلة وزوجين مع أطفالهم؛ وبعد قداس التنصيب قام البابا بجولة على المحتشدين في ساحة القديس بطرس مقدمًا لهم التحية، باستخدام سيارة مفتوحة كما فعل سلفه يوحنا بولس الثاني. كذلك فقد واصل بندكت السادس عشر تقليد سلفه يوحنا بولس الثاني بتعميد العديد من الأطفال في الكنيسة السيستينية في الفاتيكان مع بداية كل العام، تأكيدًا على دوره الرعوي كأسقف روما.الكردالة والأساقفة الجدد
عمد البابا خلال حبريته إلى تقليص مؤسسات الكوريّا الرومانية، وهي أشبه بوزارات الفاتيكان الخاصة، من خلال دمج المجلس البابوي للمهاجرين مع المجلس البابوي من أجل العدالة والسلام في 2 مارس 2006، ومن ثم دمج المجلس البابوي من أجل الثقافة مع المجلس البابوي للحوار بين الأديان، غير أن المجلس البابوي للحوار بين الأديان أعيد كهيئة مستقلة في مايو 2007. سوى ذلك فقد استحدث البابا مجلسًا جديدًا لتعزيز التبشير الجديد في العالم، وعيّن الأسقف سالفاتوري فيسيكيلا وأول رئيس له.
حتى أكتوبر 2010 كان البابا قد عيّن دفعتين من الكرادلة، الأولى عام 2007 شملت 24 كاردينالاً جديدًا بينهم كاردينال من العراق هو عمانوئيل دلي بطريرك الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية؛، والثانية عام 2010 شملت 24 كاردينالاً أيضًا بينهم كاردينال من مصر هو أنطون نجيب بطريرك الأقباط الكاثوليك؛ وبالتالي يبلغ عدد الكرادلة العرب في مجمع الكرادلة المؤلف من مائة وعشرين عضوًا ثلاثة بإضافة نصرالله صفير البطريرك الماروني الذي سبق ومنحه يوحنا بولس الثاني لقب كاردينال. أما على صعيد الأساقفة فقد عيّن البابا عددًا كبيرًا من الأساقفة الجدد أيضًا وقد وجه إرشادًا رسوليًا خاصًا لهم.الله محبة (باللاتينية: Deus Caritas Est) هي أول إرشاد رسولي أصدره البابا بندكت السادس عشر في 25 ديسمبر 2005 كرسالة خاصة لمناسبة العام 2006،[41] عنوان الإرشاد مقتبس من العهد الجديد خصوصًا من إنجيل يوحنا ورسالة يوحنا الأولى، يتحدث الإرشاد بشكل رئيسي عن حب الله للبشرية وكيف يمكن للبشر أن يعكسوا هذا الحب لله عن طريق حب الآخر، في الأعمال الخيرية. يتكون الإرشاد من جزأين الأول لاهوتي يتناول الصلة الوثيقة بين الحب وواقع الإنسان والثاني عملي يهدف إلى دعوة العالم إلى طاقة جديدة وإلى الالتزام في محبة الله.[42] يقول البابا في الإرشاد أن أكبر خطأ يرتكبه الإنسان عندما يرتبط أحيانًا اسم الله مع الانتقام أو حتى واجب على الكراهية والعنف، ويؤكد على مركزية الحب في دعوة يسوع مستشهدًا بإنجيل يوحنا: لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد، وكل من يؤمن به تعطى له الحياة الأبدية.[يوحنا 16/3] فقد ركز البابا على الاعتراف بمركزية الحب في المسيحية.[43]
تطرق البابا أيضًا إلى العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، فأكد أنّ الجنس هو موهبة من الله لا يجب أن تستغل لأهداف استهلاكية بحيث يصبح الرجل والمرأة مجرد سلعة.[44] وتعتبر مناقشة البابا للموضوع في إرشاده الرسولي تحديثًا في الذهنية الكاثوليكية كما وجد النقاد، إذ غالبًا ما كان يرتبط مفهوم الجنس في الكنيسة الكاثوليكية بمفهوم الخطيئة الأصلية الأمر الذي حاول البابا تجاوزه، غير أنه حافظ على الإطار التقليدي بحصر الحب في إطار العلاقات الزوجية.
الأمل أساس الإيمان (باللاتينية: SPE SALVI) صدرت عن الكرسي الرسولي في 30 نوفمبر 2007، ركز البابا خلالها على المفهوم الديني للأمل في العهد الجديد وتاريخ المسيحية المبكر. يقول البابا في الإرشاد أن الأمل المسيحي يفسر في ثلاث مفاهيم: الإيمان بالله، وبأن الله محبة، والإيمان بالمسيح. وقارن البابا في الإرشاد بين مفهومين خاطئين، الأول هو المفهوم المسيحي الذي تركز فيه الأمل على الخلاص ونيل النعيم، والثاني المفهوم الإلحادي بحصر الأمل في العلم والعقلانية والحياة الدنيوية مع استبعاد أي فكرة لوجود الله والخلود. يقول البابا في الإرشاد:
دعونا نعود مرة أخرى إلى تاريخ الكنيسة في وقت مبكر. لقد تعرض الكثير من المسيحيون للإضطهاد والقتل والموت، ولم تكن المسيحية قادمة من ثورة اجتماعية كمحاولة سبارتاكوس المشؤومة، والتي أدت إلى الصراع والكثير من سفك الدماء. يسوع لم يكن سبارتاكوس، لم ينخرط في النضال من أجل التحرر السياسي مثل باراباس أو باركوشبا. جلب يسوع، الذي مات على الصليب، شيئا مختلفًا تمامًا: لقاء مع رب الأرباب، لقاء مع الله الحي، وبالتالي لقاء مع الأمل الذي هو أقوى من معاناة العبودية، وهو الأمل الذي تحول إلى الحياة وبالتالي عالم جديد من الداخل.كذلك فقد تطرق البابا إلى مفهوم الألم والمعاناة البشرية، ودور الأمل في القدرة على تحملها.
الإفخارستيا والكنيسة
الإفخارستيا والكنيسة (باللغة اللاتينية: Sacramentum Caritatis) صدرت العام 2010، تطرق البابا إلى وصف سر القربان الأقدس حسب المصطلحات المسيحية، وعلاقتة بسببية الكنيسة. يقول البابا أن يسوع أراد أن يبني جسرًا بينه وبيننا بين شخصه والكنيسة من خلال الإفخارستيا.
يرى البابا أن الكنيسة قد تأسست من قبل المسيح من خلال ما دعاه ذبيحة الصليب. ويستشهد بالوقت نفسه بالقديس بولس الذي وصف الكنيسة بأنها جسد المسيح وعروسه، فالكنيسة حسب المعتقدات المسيحية منذ آباء الكنيسة وحتى المجمع الفاتيكاني الثاني هي “جسد المسيح السري.”
وجد البابا أن التأمل في آية "سينظرون إلى الذي طعنوه"[يوحنا 37/19] يقود إلى التفكير في العلاقة السببية بين ذبيحة المسيح، القربان المقدس والكنيسة. “فالكنيسة توجه حياتها من القربان المقدس”، الذي يجعل ذبيحة المسيح حاضرة، ويمكن للمؤمنين من خلاله الاتحاد مع المسيح والاتحاد مع جميع الذين اقتبلوه أيضًا، كما وجد البابا أن الافخارستيا سوى ذلك بمثابة هدية المسيح للكنيسة.
تعديلات القداس الإلهي
في 7 يونيو 2007 أصدر البابا إرشاده الرسولي (باللاتينية: Summorum Pontificum) الذي طلب من خلاله البابا من الأساقفة حول العالم تعديل القداس الإلهي بالشكل الذي تبينه الوثيقة. آخر تعديل على الطقس اللاتيني للقداس الإلهي كان في أعقاب المجمع الفاتيكاني الثاني عام 1969، وقد شدد البابا أن التعديلات التي أدخلها لن تناقض المبادئ العقائدية التي وضعها المجمع الفاتيكاني الثاني أو التي وضعها سلفه بولس السادس. كذلك ناقش البابا “التشوهات” الحاصلة في القداس في بعض المناطق.
الإرشاد الرسولي سمح أيضًا للأسقف المحلي لمنطقة ما إدخال بعض التعديلات على القداس الإلهي بما يتوافق والثقافة السائدة في كل بلد في العالم، بما فيه وجهة الكاهن خلال إقامته القداس الإلهي، فمن المعروف أن رهبنة القديس بيوس العاشر رفضت تعديلات المجمع الفاتيكاني الثاني التي أوجبت على الكاهن من خلالها التوجه نحو الشعب بدلاً من الشرق خلال إقامته القداس، في حين أن بعض الجمعيات المحافظة أمثال رهبنة القديس بيوس العاشر رفضت التعديل وتمسكت بالصيغة القديمة حيث يتوجه الكاهن نحو الشرق. وبالتالي فقد أنهى الإرشاد الشقاق الحاصل بين الكرسي الرسولي وهذه الجمعيات، وقد أعرب المطران برنار فالي، الرئيس العام لرهبنة القديس بيوس العاشر: امتنانه العميق للحبر الأعظم لهذا الاستحقاق الروحي العظيم. في حين قال الكاردينال داريو هويوس، رئيس اللجنة الحبرية للتراث الثقافي للكنيسة، أن الإرشاد: فتح الباب لعودتهم
سينودس الشرق الأوسط
إن اللجوء إلى المواقف اللاهوتية والمقدسة،
التي تستخدم كلمة الرب، لتبرير الظلم أمر غير مقبول.
—وثيقة السينودس رافضةً فكرة أرض الميعاد.
السينودس هو مجمع مسكوني، يشارك بأعماله أساقفة الكنيسة الكاثوليكية حول العالم لمناقشة قضايا معينة، سينودس الشرق الأوسط اختصّ بشؤون الشرق الأوسط وحضره أساقفة وفعاليات الكنيسة الكاثوليكية في سوريا ولبنان والأردن وفلسطين وإسرائيل ومصر وقبرص وتركيا وإيران وكذلك ممثلين عن الرعايا الكاثوليكية المقيمة في الخليج العربي. دعي إلى السينودس أيضًا ممثلين عن الطوائف المسيحية غير الكاثوليكية وكذلك عن السنة والشيعة، وقد أعلن البابا بشكل رسمي الدعوة لانعقاده في ختام زيارته إلى قبرص يوم 6 يونيو 2009
افتتح السينودس في كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان في 10 أكتوبر 2010 وختم أعماله في 24 أكتوبر 2010،نوقشت خلاله قضايا تخص الكنيسة الكاثوليكية بشكل داخلي، وقضايا تخص علاقتها مع الطوائف المسيحية غير الكاثوليكية كقضية توحيد الاحتفال بعيد الفصح وتنظيم الزواج بين مختلف الطوائف. السينودس ناقش أيضًا قضايا سياسية وعلاقة المسيحيون العرب بالمسلمين وكذلك الصراع العربي الإسرائيلي. أبرز المواقف التي خلص إليها المجمع المطالبة بإعلان اللغة العربية إحدى اللغات الأساسية المعتمدة في الكرسي الرسولي، والاهتمام بوسائل الإعلام الكاثوليكية وتقويتها، والدعوة لتفعيل حوار الأديان، ورفض فكرة أرض الميعاد لدى الديانة اليهودية، والمطالبة بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وطالب بتحقيق حل الدولتين والانسحاب من سائر المناطق المحتلة كالجولان ومزارع شبعا، أشار السينودس أيضًا إلى رفضه التام لمعاداة السامية التي يتعرض لها اليهود وكذلك الإسلاموفوبيا ومعاداة المسيحية التي تظهر من خلال أعمال العنف في العراق وتهجير المسيحيين من بلدانهم.وأكد أيضًا أن المسيحيين العرب جزء أساسي من الوطن العربي ولا يجب التعامل معهم كأقليات منقوصة الحقوق، بما فيها نظام أهل الذمة.
الزيارات الخارجية الرسمية إلى البابا حتى أكتوبر 2010 كان البابا قد قام بسبعة عشر زيارة خارجية باستثناء زياراته المستمرة إلى إيطاليا؛ شهدت السنوات الثلاث الأولى من حبريته نشاطًا واسعًا في السفر، افتتحها بزيارتين إلى وطنه ألمانيا، الأولى لمناسبة يوم الشبيبة العالمي والثانية إلى مسقط رأسه؛ زار البابا أيضًا بولندا وإسبانيا حيث استقبل حسب المراقبين بحماس. كذلك زار تركيا الدولة ذات الغالبية المسلمة، ولكونها قد جاءت بعد خطابه والجدل الذي أثير حوله في جامعة ريجنسبورغ فقد احتج المتشددون الإسلاميون على الزيارة التي وضعت ضمن إجراءات أمنية غير مسبوقة، غير أن البابا عبر خلالها عن إعجابه بتركيا، ودعمه ملف ترشحها إلى الاتحاد الأوروبي، الذي كان في السابق يعارضه؛ كذلك فقد أثمرت رحلة البابا إلى تركيا بإصدار بيان مشترك مع بطريرك بطريركية القسطنطينية المسكونية برثلماوس الأول في محاولة لرأب الصدع بين الكنيسة الكاثوليكية وكنيسة القسطنطينية الأرثوذكسية
عام 2007 زار البابا البرازيل وأعلن قداسة أنطونيو غالفاو،[60] الراهب الفرنسيسكاني البرازيلي من القرن الثامن عشر؛ وفي يونيو 2007 قام البابا بزيارة حج إلى مدينة أسيزي في الشمال الإيطالي ومسقط رأس فرنسيس الأسيزي مؤسس الرهبنة الفرنسيسكانية. في سبتمبر 2007 زار البابا النمسا لمدة ثلاثة أيام، زار خلالها النصب التذكاري لليهود النمساويين الذين لقوا حتفهم في معسكرات الموت النازية خلال الحرب العالمية الثانية وبلغ عددهم 65000، وخصص الجزء الأكبر من الزيارة لمريم العذراء.
في أبريل 2008 قام البابا بأول زيارة له للولايات المتحدة الإمريكية، حيث استقبل بشكل حافل في البيت الأبيض، وخلال زيارته التقى البابا وممثلي الجامعات الكاثوليكية في الولايات المتحدة الإمريكية، واجتمع مع زعماء دينيين من مختلف أديان العالم، وحضر القداس الإلهي الذي قام به حوالي خمسون ألف نسمة، كما التقى البابا خلال زيارته مع ضحايا الاعتداء الجنسي من قبل الكهنة، وسافر إلى نيويورك حيث خطب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتقى بالأطفال المعاقين وذويهم، واحتفل بالقداس الإلهي في كاتدرائية القديس باتريك بشكل مخصوص للشباب الكاثوليك، وفي اليوم الأخير من زيارته زار البابا موقع مركز التجارة العالمي واحتفل بالقداس الإلهي في وقت لاحق في استاد اليانكي في المدينة.
في يوليو 2008 سافر البابا إلى أستراليا وشارك في احتفالات يوم الشبيبة الكاثوليكية العالمي،[66] وفي 13 سبتمبر زار البابا فرنسا وخلال القداس الإلهي الذي أقامه في الهواء الطلق في باريس وحضره 250.000 شخص ندد البابا بالمادية الحديثة وحب الاستهلاك والمال وقارنها بالوثنية.في العام 2009 زار البابا أنغولا والكاميرون ودعا إلى تغيير السلوك الجنسي كأداة لحل أزمة الإيدز في أفريقيا، كذلك زار في مايو 2009 الشرق الأوسط للمرة الثانية فبدأ جولته من الأردن ثم فلسطين وإسرائيل والتي تعرف في المسيحية باسم الأراضي المقدسة.
زار البابا في 17 أبريل 2010 مالطا وحضر القداس الإلهي الذي أقامه 50.000 شخص، وخلال زيارته للجزيرة أعرب البابا عن العار الذي يشعر به من جراء فضيحة الاعتداء الجنسي، واجتمع مع الضحايا لمدة 20 دقيقة.كذلك فقد قام البابا بتخصيص جزء من الزيارة للشباب الكاثوليكي في الجزيرة. تلاها في مايو 2010 زيارته البرتغال، ثم في يونيو زيارته قبرص ومن ثم المملكة المتحدة في 16 سبتمبر إلى 19 سبتمبر والتي وصفت بالتاريخية لكونها أول زيارة لبابا إلى إنجلترا، وقد قوبلت الزيارة باحتجاج الأحزاب اليسارية وجماعات مناصري حقوق المثليين.
في العام 2005 أدرج البابا عدة طرق لمكافحة الإيدز منها، العفة والإخلاص في الزواج ومحاربة الفقر؛ غير أنه رفض استخدام الواقي الذكري، فهو بحسب رأي البابا لا يؤدي إلى حل المشكلة بل يؤدي إلى تفاقمها الأمر الذي استنكرته عدة مؤسسات طبية ووزارات الصحة في بلجيكا وفرنسا. وكان البابا يوحنا بولس الثاني بدوره قد رفض استعمال الواقي الذكري كالحل الأمثل للحد من انتشار المرض. مجلة التايم ذكرت عام 2006 أن الفاتيكان قد يصدر وثيقة تقبل استعمال الواقي الذكري بشكل مشروط.
في مارس 2009 قال البابا خلال زيارته للكاميرون:
أنا أقول بأن هذه المشكلة، مشكلة الإيدز، لا يمكن أن يتغلّب عليها بمجرد المال مع أنه ضروري. لا يمكن التغلب على هذه المشكلة ما لم يكن هناك بعد إنساني، المشكلة لا يمكن التغلب عليها بتوزيع الواقي بل على العكس يزيد الإصابة بالمرض. الحل يجب أن يكون مرتكزًا على عنصرين، أولاً إظهار البعد الإنساني للجنس، وثانيًا صداقة حقيقية قبل كل شيء إلى أؤلئك اللذين يعانون، وإبراز رغبة في تقديم التضحيات ونكران الذات لكي نكون إلى جانب المعانين المثلية الجنسية
منذ عمله كرئيس لمجمع العقيدة والإيمان عارض البابا المثلية الجنسية وكرّس عدة دراسات لحل هذه القضية وموقف الكنيسة منها، أبرزها الوثيقة الموجهة إلى جميع أساقفة الكنيسة الكاثوليكية في العالم عام 1986، وجد البابا خلالها أن المثلية تأتي بنتيجة أمراض هرمونية أو نفسية ودعا الأساقفة والكهنة إلى رعاية المثليين بهدف “معالجتهم” حسب مفاهيم الكنيسة الكاثوليكية. الوثيقة لم تعتبر المثلية بحد ذاتها خطيئة: على الرغم من أن ميل الشخص نحو المثلية ليس ذنبًا، بل هو أشبه بميل قوي نحو شر أخلاقي جوهري. ورفضت الوثيقة أيضًا العنف أو الاضطهاد أو التمييز الذي يتعرض له المثليين في بعض الدول، ودعت الأساقفة والكهنة إلى إدانة مثل هذه التصرفات حيث وجدوا.
في عام 1992 أصدر مجمع العقيدة والإيمان وثيقة ثانية تناقش القضية أعيد خلالها التأكيد أن المثلية نابعة من “فوضى داخلية”، وأكدت أن الكرسي الرسولي إذ يرفض بشدة المثليين فهو لا يعود لأسباب تمييز عنصرية.
بعد انتخابه بابا، أصدر في 22 ديسمبر 2008 رسالة موجهة إلى الكرادلة والأساقفة أعضاء الكوريّا الرومانية، تحدث خلالها عن الجنس والدور المميز لكل من المرأة والرجل من خلاله. قال البابا أن الكنيسة نظرت دومًا إلى الجنس كقضية مركزية في الطبيعة البشرية وذات جوهر محترم، وميز البابا بين بعض الممارسات الجنسية التي انحرفت في رأيه عن الدور المركزي للجنس وجوهره المحترم، دون أن يسمي المثلية الجنسية بشكل مباشر، ووجد البابا أنه على الكنيسة أن تقوم بحماية الإنسان من تدمير نفسه، قاصدًا بذلك اقتناع المثليين بطبيعتهم وعدم سعيهم لتغييرها. مجتمعات المثليين الجنسييين في أوروبا أمثال مجتمع آركي غاي (بالإنجليزية: Arcigay) في إيطاليا ومجتمع إل.إس.في.دي (بالإنجليزية: LSVD) في ألمانيا وجدوا تصريحات البابا عنصرية وتمييزية بحقهم.
الأب فريدريكو لومباردي، الناطق الرسمي باسم الفاتيكان، ردّ على المهاجمين بأن البابا لم يهاجم بشكل محدد المثلية الجنسية وإنما جميع الممارسات الجنسية خارج إطار الزواج الشرعي بين الرجل والمرأة، وأشار الأب لومباردي أن البابا لم يرد ذكر للواط أو الساحقيات في نصه، ووجد أيضًا ردود فعل المجتمعات المثلية “عنيفة للغاية”.في 2009 أصدر البابا أول إرشاد رسولي يتعلق بالشؤون الاقتصادية بعنوان "المحبة في الحقيقة" (باللاتينية: Caritas in Veritate) حدد من خلاله مواقفه من قضايا توزيع الثروة في جميع أنحاء العالم بشكل عادل، وناقش قضية الحفاظ على البيئة، إلى جانب موضوع الهجرة ومنح الجنسية، والإرهاب وأخلاقيات علم الأحياء والطاقة ومختلف القضايا السكانية. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الإرشاد الرسولي كان أحد مراجع قمة مجموعة الثماني في يوليو 2008. ويمكن الإطلاع على نص الإرشاد الرسولي في موقع الفاتيكان الرسميالطاقة الذرية
البابا يقف ضد السلاح النووي وهو من المنافحين عن الاقتراح الذي يدعو لنزعه من جميع أنحاء العالم؛ وقد أبدى في مناسبات عديدة تأييده للاستخدام السلمي للطاقة النووية كأداة للتنمية ومكافحة الفقر. وفي الرسالة العامة التي وجهها لمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية أكد البابا: إن الكرسي الرسولي يؤيد تمامًا الهدف الذي أنشأت من أجله الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهو كان عضوًا مؤسسًا فيها ولا يزال مستمرًا في دعمها.
التحرش الجنسي في الكنيسة الكاثوليكية
في عام 2001 صرح الكاردينال راتزنجر بأن المسؤولية الأساسية عن التحقيق في الاعتداءات الجنسية وتأديب مرتكبيها تعود على عاتق الأبرشيات، وفي العام 2003 وسع الكاردينال راتزنجر، بوصفه رئيس مجمع العقيدة والإيمان، مروحة الحالات التي تندرج في إطار "الجرائم الكنسية الجنسية" والتي يحرم مرتكبها مباشرة من الديانة المسيحية لتشمل أي استغلال أو عمل جنسي تحت عمر 18 عامًا إلى جانب الاستغلال الجنسي عن طريق الشبكة العنكبوتية. وصف الباحث جون آلين البابا بالشجاع والمتحمس لإزالة هذه الفوضى من الكنيسة. وأضاف: لقد أبدى الكاردينال راتزنجر قدرًا كبيرًا من الحكمة والحزم في التعامل مع تلك الحالات، ما يدل أيضًا على شجاعة كبيرة في مواجهة القضايا الأكثر صعوبة.
إحدى حالات التحرش الجنسي التي ساهم البابا في حلها، قضية الأب مارسيل ماسيل، وهو كاهن مكسيكي ومؤسس جمعية "جند المسيح"، اتهم الأب ماسيل مرارًا بتهم اعتداء الجنسي غير أن البابا يوحنا بولس الثاني رفض فتح دعوى ضده بحجة أن التهم لم تكن مبررة. أمر البابا بندكت السادس عشر، بفتح دعوى التحقيق التي أفضت إلى إدانة الأب ماسيل وحرمه من الدين المسيحي وفسخه من سلك الكهنوت، ثم أصدر الكرسي الرسولي في 1 مايو 2010 بيانًا جرد فيه ماسيل من وسام جوقة المسيح، وأعلن خلال البيان نفسه تعيين لجنة لدراسة دستور الجمعية التي أسسها ماسيل.[87] صرح الكاردينال كريستوف سشونبورن أن: "البابا قد بذلك جهودًا واضحة لا لتغطية الأمور ولكن لمعالجتها والتحقيق فيها."
في مارس 2010 أصدر البابا رسالة رعوية إلى الكنيسة الكاثوليكية في إيرلندا أعرب خلالها عن الحزن والتعاطف مع أهالي الضحايا، والتعامل بقسوة مع من ثبت تحرشهم خلال منتصف القرن العشرين بأطفال في مدارس تديرها الرهبنات الكاثوليكية في البلاد؛الجماعات المساندة للضحايا طالبت بأن يكون التحقيق علنيًا، انطلاقًا من مبدأ بأن القضية أهم من القانون الكنسي المتعلق بسرية التحقيق، على أن دستور أصول المحاكمات الكنسية الجديد، الذي أصدره البابا في أبريل 2010 لم يختلف عن سابقه في هذه القضية وحافظ على سرية التحقيق والمحاكمة.
وفقًا لماري آن والش مؤلفة كتاب "بندكت السادس عشر: مقالات وتأملات في حبريته" (بالإنجليزية: Benedict XVI: Essays and Reflections on His Papacy) فإن: "السنوات الخمس الأولى تكشف عن وجود الرجل الوحيد الذي يستطيع المشي بهدوء في الأوقات العصيبة، ساعيًا لتضميد الجراح وجمع المؤمنين من جديد معًا. لقد واجه فضيحة الاعتداء الجنسي وجهًا لوجه.
الأوسمة التي نالها :
الأوسمة والجوائز
1977: وسام الصليب الأكبر مع مرتبة الشرف، إكوادور.
1977: وسام الاستحقاق من ولاية بافاريا، ألمانيا.
1985: وسام الصليب الأكبر مع مرتبة الشرف والوشاح ذو النجمة، ألمانيا.
1985: الميدالية الذهبية من برلمان ولاية بافاريا، ألمانيا.
1989: جائزة ديلا مينيرفا التي تمنحها جامعة شيتي، إيطاليا.
1989: جائزة القديس أوغسطين، روما، إيطاليا.
1989: جائزة كارل فالنتين، ميونخ، ألمانيا.
1991: جائزة ليوبولد، النمسا.
1992: الميدالية الذهبية الكبرى مع وسام الخدمة، النمسا.
1993: جائزة بريميو الأدبية، إيطاليا.
1996: جائزة جمعية ماكسميليان البافارية للعلوم والفنون، ألمانيا.
1998: وسام جوقة الشرف، فرنسا