يعتبر الرادار من الأجهزة الشائعة الاستخدام في مختلف مجالات حياتنا بالرغم من كوننا لا نستطيع أن نشعر بوجوده أو نرى إشاراته. ويعتمد الرادار في عمله على ظاهرتين:
أولا: الصدى
ظاهرة الصدى هي نلك التي نسمعها عندما يرتد لنا الصوت عندما نصرخ في بئر وتحدث ظاهرة الصدى لان الأمواج الصوتية التي نصدرها تنعكس عندما تسقط على الأسطح المختلفة مثل سطح الماء وقاع البئر أو جوانب وادي جدار المنزل إذا كانت قاعة كبيرة وفارغة. وتعتمد المدة الزمنية بين إصدار الصوت وإعادة سماعه على المسافة بين مصدر الصوت والسطح الذي ارتد عنه.
انيا: تبدل دوبلر( Doppler shift )
هي ظاهرة نتعرض لها يومياً و لفهمها نفرض أن شخصا يقف في مكان خالي ويوجد سيارة تتقدم باتجاهه بسرعة 60 كم في الساعة و تصدر صوتاً من بوقها، وطالما أن السيارة تتقدم نحوه فإنه سيسمع الصوت بمستوى معين ولكن ما إن تتجاوزه السيارة فإنه سيسمع الصوت بمستوى أقل! البوق نفسه يصدر نفس الصوت طوال الوقت ولكن لماذا يسمع صوتين مختلفين؟ السبب هو ظاهرة دوبلر. هذا هو ما يحدث في الواقع : إذا كانت سرعة الصوت ثابتة ولتكن 600 ميل في الساعة (إن السرعة الحقيقية تتعلق بضغط الهواء ورطوبته). تخيل أن السيارة تقف ثابتة على بعد ميل واحد منك و يقوم بوقها بإصدار صوته لمدة دقيقة واحدة. الموجات الصوتية سوف تنتشر من السيارة باتجاهك بسرعة 600 ميل في الساعة. ما ستسمعه بالضبط هو دقيقة كاملة من الصوت ولكنها متأخرة مدة ست ثواني.
الآن لنقم بإعادة التجربة السابقة ولكن لنجعل السيارة تتحرك بسرعة 60 ميل في الساعة، سوف تسمع في البدء ست ثواني من الصمت (تأخير زمني) و بعدها سوف تسمع الصوت لمدة 54 ثانية فقط !!! وذلك بسبب أن السيارة ستكون بجانبك تماماً بعد مضي دقيقة والصوت في نهاية الدقيقة يصل إليك بشكل آني.
السيارة (من وجهة نظر السائق) تستمر بإصدار الصوت لمدة دقيقة كاملة. و لأن السيارة تتحرك ، يحشر الصوت المصدر لدقيقة كاملة في 54 ثانية فقط (من وجهة نظر المستمع). ولذلك فإن تواتر الصوت يزداد وبالتالي يزداد ارتفاع نغمة الصوت بالنسبة للمستمع. وعندما تتجاوز السيارة المستمع فإن الشرح السابق يعكس تماماً والصوت يتمدد ليملأ وقتاً أكثر ولذلك فإنه سيكون أخفض.
يمكن دمج الظاهرتين السابقتين من خلال المثال التالي:
لنفرض أن سيارة ما تتقدم باتجاهك بسرعة معينة. وأنت تقوم بإصدار صوت عالي باتجاه السيارة، قسم من هذا الصوت سوف ينعكس عن السيارة على شكل صدى ولأن السيارة تتحرك فإن هذا الصوت سوف يضغط و يصل لك على شكل طبقة صوتية أعلى. بقياس حدة الصوت الوارد يمكن معرفة سرعة السيارة.
مما سبق يتضح أنه يمكن الاستفادة من الصدى في تحديد بعد جسم ما. وإمكانية الاستفادة من ظاهرة دوبلر على الصدى في تحديد سرعة حركة هذا الجسم. وبذلك يمكن إنشاء رادار صوتي وهو بالضبط ما يسمى (السونار) Sonar الذي تستخدمه السفن والغواصات كما يمكن أن نستخدم الصوت في الهواء أيضاً ، إلا أن لذلك مجموعة من المشاكل هي :
*
لا ينتقل الصوت لمسافات كبيرة.
*
الرادار الصوتي سوف يقوم بإزعاج كل من بجواره بسبب الصوت الذي يصدره (يمكن التغلب على هذه المشكلة باستخدام الأصوات فوق السمعية).
*
بسبب ضعف صدى الصوت فإن كشفه سيكون صعباً.
على الرغمَ من ذلك فإنه يستخدم بشكل جيد في قياسات المسافات (1سم إلى 100 متر )
للأسباب السابقة يستخدم الرادار الأمواج الراديوية بدلاً عن الصوت، فهي تنتقل لمسافات بعيدة وغير ظاهرة بالنسبة للإنسان كما أن كشفها سهل حتى لو كانت ضعيفة
شارك مجموعة كبيرة من العلماء والمهندسين في اختراع وتطوير الرادار. إن أول رادار استخدم أمواج الراديو للكشف عن الأجسام المعدنية وتحديد مواقعها كان في 1904 بواسطة العالم Christian Hulsmeyer والذي قام باستعراض كيف يمكن رصد باخرة في البحر مختبئة في ضباب كثيف. وقد حصل على براءة اختراع في نوفمبر من العام 1904 مقابل نجاحه في تطبيق هذه الفكرة. وقبل الحرب العالمية الثانية جرت تطويرات كثيرة على الرادار من وفي 1935 حصل العالم Robert Watson-Watt على براءة اختراع أيضا لاختراعه رادار يستطيع أيضا أن يحدد المسافة.
وقد ساهمت الحرب العالمية الثانية في أن يسعى العلماء لتطوير الرادار ليحصلوا على صور تفصيلية وحساب للمسافات أكثر دقة والعمل على تزويده بالمزيد من الإضافات التي تساعد على تثبيت الرادار على أنظمة الأسلحة الدفاعية. وبعد الحرب سعى العلماء لاستخدام الرادار في تطبيقات سليمة مثل في مراكز التحكم في الطائرات في المطارات وفي الأرصاد الجوية وفي الأبحاث الفضائية.
ستخدم الرادار في المطارات لتعقب حركة الطائرات وتوجيهها خلال رحلاتها الجوية وأثناء الإقلاع والهبوط. كما يستخدم الرادار لضبط السائقين الذين يتجاوزون السرعة القانونية المسموح السير بها.كما يستخدم الرادار في الملاحة البحرية لتوجيه السفن والغواصات، كما يستخدم الرادار في وكالات الفضاء لرسم خرائط الكواكب ومراقبة مسارات الأقمار الصناعية، كما يلعب الرادار دوراً هاماً في معرفة الأحوال الجوية واكتشاف العواصف والأعاصير هذا بالإضافة إلى استخدامه في المعارك الحربية وتوجيه القذائف والصواريخ. لذا فإن الرادار من الأجهزة التقنية التي لا يمكن الاستغناء عنها.
استخدام الرادار يحقق ما يلي:
1. اكتشاف الأجسام البعيدة المتحركة منها أو الثابتة كما يمكننا من التعرف على ماهية تلك الأجسام من خلال تحديد شكلها على شاشة الرادار.
2. معرفة سرعة الأجسام.
3. رسم الخرائط الطبوغرافية الدقيقة لسطح الكواكب والأقمار.
كيف يعمل الرادار
لفهم كيف يقوم الرادار برصد الأجسام دعنا نأخذ مثالاً على رادار يقوم بتعقب الطائرات في الجو والمستخدم في مراكز التحكم في المطارات حيث يثبت جهاز إرسال أمواج الراديو لنظام الرادار على موتور يدور بصورة منتظمة ويرسل أمواج الراديو في جميع الاتجاهات ويطلق جهاز الإرسال أمواج الراديو في صورة نبضات قوية ويراقب جهاز الاستقبال الصدى المرتد عن الأجسام التي من الممكن أن تصطدم بها نبضات أمواج الراديو، ويعمل جهاز الاستقبال على قياس المدة الزمنية التي استغرقها الصدى للوصول. حيث أن سرعة أمواج الراديو هي نفسها سرعة الضوء والتي تساوي 300,000 كيلو متر في الثانية وهي سرعة هائلة. ولهذا يستطيع الرادار تحديد مواقع الطائرات بدقة عالية. كما يستطيع الرادار أيضا قياس سرعة الطائرة في الجو باستخدام ظاهرة دوبلر من خلال قياس الفرق بين تردد الموجة المرسلة وتردد الموجة المستقبلة (الصدى).
تقوم محطة الرادار الأرضية بإرسال أمواج الراديو في صورة نبضات قوية عند تردد معروف. وعندما تصطدم هذه الأمواج بالجسم فإنها تحدث ظاهرة الصدى عندما تنعكس هذه الأمواج عن الجسم إلى محطة الرادار الأرضية وإذا كان الجسم متحرك تحدث ظاهرة دوبلر أيضا. تلتقط أمواج الراديو المرتدة عن الجسم بواسطة انتينا المحطة وتغذي لأجهزة تحسب الزمن لتحديد الموقع وتحسب التعديل في التردد لتحدد سرعة الجسم وإذا ما كان مقترباً أو مبتعداً.
ومثال آخر على استخدامات الرادار نأخذ فكرة عمل رادار قياس سرعة السيارات من قبل شرطة المرور المستخدم لمخالفة السائقين المتجاوزين للسرعة القانونية، وحيث أن رادار الشرطة يستخدم على الأرض فإن هناك احتمالية كبيرة في أن تتداخل الأمواج المرتدة عن السيارة المرصودة مع الأمواج المرتدة عن الأجسام الأخرى الموجودة على الطريق مثل الأبنية والجسور والجدران وغيره. ولتجنب هذه المشكلة فإن إشارات الراديو المرسلة يتم توجيهها بدقة نحو السيارة المطلوبة في شكل حزمة مركزة حتى تتجنب اصطدامها بأجسام أخرى ويتم الاعتماد على قياس تعديل دوبلر لتحديد سرعة السيارة.