التراتيل للمتروبوليت يوحنا منصور
"الترتيل" هو إحدى الطرق التي نتحدث بها إلى الرب في صلواتنا .
الترتيل يساعدنا خاصة في الجهاد الذي نخوضه لنتحدث إلى الرب " "ما من أمر آخر يرفع النفس، يمنحها أجنحة، يعتقها من الأرضيات، يحرره ا من رباطات الجسد ويجعلها تعيش روحياً وتطرح الهموم المعيشية جانباً مثل أنغام منسجمة وتسبيح إلهي ذي إيقاع … المزامير الروحية عظيمة الفائدة، كثيرة الجنى، وفيض من التقديس، فيصير الترنيم أساساً للحياة الروحية . فكلمات الترانيم تطهر النفس من جهة، والروح القدس يهب بسرعة ويفتقدها كل ترتل من جهة أخرى ". "وم ن يرتل بطهارة، على نحو ما يقول القديس يوحنا، يجدد نفسه ويصبح هيكلا للروح القدس".
لا يكفي النفس التي ترتل في سعيها لجذب نعمة الروح القدس، أن ترنم وفق القواعد الموسيقية، بل يجدر بها أيضاً أن تكون متوافقة مع التسابيح الملائكية . الذهبي الفم يشدد فيما يتعلق بالترتيل ال كنسي فيقول: "ليس خطيئة على الإطلاق أن شيخاً أو شاباً أو ناشز الصوت لا يفقه شيئاً البتة من الترنيم والإيقاع. فما نطلبه هن هو صحو النفس ذهن لا يتعس، قلب منسحق، وفكر طاهر وضمير نقي".
"رنموا لله يا أبراره"، كما يحث داود النبي . ويلاحظ القديس باسيليوس الكبير : "بمقدور المسيحيين بقلوب طاهرة وجميع الأبرار، أي المؤمنين بالله، أن يرتلوا لله، فقد ضبطوا إيقاعاتهم الروحية على نحو موافق… فنّقوا قلوبكم لتحملوا ثماراً روحية، حتى إذا صرتم أبراراً تقدرون ساعتها أن ترتلوا لله بحكمة وفهم".
بإمكاننا أن نمجد الله بلا انقطاع : "النفس عازف، فنان بارع، أما الجسد فآلة عزف، بمثابة قيثارة … والله إذ يقصد أن يعّلمك وجوب تسبيحه على الدوام ومباركته، وحد بشكل دائم الآلة العازف".
لكن في الكنيسة الارثوذكسية لا تستخدم آلات موسيقية . كل مؤمن هو آلة إلهية الصنع . فإذا حافظ العازف (أي النفس ) على الآلة طاهرة، عندها تكون جاهزة ومناسبة لتمجيد الله، لأن التسبيح الشريف يولد من التقوى، يغذيه الضمير الصالح، ويقتبله الله في السموات، كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم".