تكوّن البحر الأبيض المتوسط:
يمكن تفسير تكوّن البحر الأبيض المتوسط من خلال نظرية الصحاف التكتونية، فقبل حوالي 250 مليون سنة كانت القارات تشكل كتلة أرضية واحدة تدعى بانجي. وكان بحر تيثس خليجًا ضخمًا تطور ليصبح البحر الأبيض المتوسط على الساحل الشرقي لبانجي. وخلال القرون انقسمت بانجي إلى قارات فبدأت بالزحف التدريجي نحو أماكنها الحالية. ودارت إفريقيا أثناء الزحف بعكس اتجاه عقارب الساعة، بينما دارت أوراسيا باتجاه عقارب الساعة. وقد فتحت حركة هذه القارات طريقًا مائيًا في أقصى الطرف الغربي للبحر موصلة إياه بالمحيط الأطلسي قبل حوالي 65 مليون سنة، وقد أغلق دوران هاتين القارتين الطرف الشرقي لبحر تيثس. وبذلك أخذ البحر الأبيض المتوسط شكله الحالي.
يعتقد بعض علماء الأرض أن البحر الأبيض المتوسط قد جف حوالي 12 مرة قبل حوالي 5,7 ـ 5,5 مليون سنة. وقد عملت خلال هذه الفترة حركة قارتي إفريقيا وأوروبا باستمرار على إغلاق وفتح مضيق جبل طارق.
وكل مرة أُغلق فيها كان البحر يأخذ بالجفاف بعد حوالي 1,000 سنة من التبخر، وكانت تتبقى فقط صحراء شاسعة تتناثر عليها بعض البحيرات المالحة. وعندما كان ينفتح المضيق كانت تتدفق المياه من المحيط الأطلسي مكونةً شلالاً مائيًا ضخمًا، ويحمل هذا الشلال من المياه حوالي 1,000 ضعف ما تحمله شلالات نياجارا في أمريكا الشمالية، وتعيد ملء البحر الأبيض المتوسط خلال حوالي 100 سنة. وفي عام 1970م وجد العلماء شواهد تؤيد النظرية الصحراوية. وفي ذلك العام حفر الجيولوجيون الذين كانوا على متن سفينة الأبحاث المسماة جلومار تشالنجر في قلب صخور أُخذت من قاع البحر الأبيض المتوسط. وقد احتوت هذه الصخور على معادن تدعى متبخرات (رواسب التبخر)، تشكلت بفعل تبخر المياه المالحة.
الجغرافيا والمناخ
تأتي التسمية من كونه يقع وسط الأرض، فالأرض تحيط تقريبًا بالبحر المتوسط. فأوروبا تقع إلى الشمال منه، وآسيا إلى الشرق، وإفريقيا إلى الجنوب. أما في الغرب فيربط مضيق جبل طارق البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الأطلسي. ويربط مضيق الدردنيل البحر الأبيض المتوسط ببحر مرمرة والبوسفور والبحر الأسود. وفي الجنوب الشرقي تفصل قناة السويس البحر الأبيض المتوسط عن البحر الأحمر. فقناة السويس، ممر مائي اصطناعي يقطع هذا الشريط الضيق من الأرض وتبحر السفن عبر القناة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي.
تبلغ مساحة البحر الأبيض المتوسط 2,510,000كم². وتبلغ مساحة البحر الأسود، الذي يعتبره الكثيرون جزءًا من البحر الأبيض المتوسط، 448,000كم². إن الكثير من أذرع البحر الأبيض المتوسط كبير إلى درجة يمكن أن تكوّن الذراع الواحدة منها بحرًا. وتشمل هذه الأذرع كلاً من البحر الأدرياتيكي وبحر إيجة والأيوني، والتيراني. يبلغ أقصى طول للبحر المتوسط حوالي 3,540كم بين مضيق جبل طارق والإسكندرونة في تركيا. ويبلغ أقصى عرض للبحر المتوسط 1600كم بين ليبيا و كرواتيا.
المناخ
بلغ متوسط الحرارة على سطح البحر الأبيض المتوسط حوالي 16°م، وفي الصيف قد تبلغ 27°م وحتى في الشتاء نادرًا ما تنخفض درجة حرارة سطح البحر عن أربع درجات مئوية. تتباين درجة حرارة المياه بشكل بسيط في الأعماق الوسطى وقرب قاع البحر، إذ تتراوح بين 13- 15°م خلال السنة.
تمنح المياه الدافئة الهائلة الدفء للأراضي المحيطة بالبحر ومناخًا شبه مداري. وتحظى معظم أقطار منطقة البحر الأبيض المتوسط بصيف حار جاف وشتاء معتدل ممطر. وقد هيأت هذه الظروف ما أصبح يعرف بمناخ البحر الأبيض المتوسط، حتى لو ظهر في مناطق أخرى من العالم، ويسود المناخ المداري قطرين من أقطار البحر الأبيض المتوسط، وهما مصر وليبيا. تهب رياح محلية ساخنة تعرف باسم السروكو عبر البحر الأبيض المتوسط من إفريقيا نحو جنوب أوروبا. وفي المقابل تهب رياح المسترال الباردة الجافة في فرنسا عبر البحر الأبيض المتوسط
أميرة وليد الأمير †